للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَصَبْنَا الدِّمَاءَ، وَوَتِرَ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَاعْتَزَلْتُهُمْ لَمَّا خِفْتُهُمْ، فَكُنْتُ فِي هَؤُلاءِ أَسُودُهُمْ وَأَقُودُهُمْ، فَحَفِظُوا عَلَيَّ لأَمْرٍ دَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَهَاقِينِهِمْ، فَحَسَدُونِي وَكَفَّرُونِي فَقَالَ: لا يَضُرُّكَ فَاعْتَزِلْهُمْ إِذْ كَرِهُوكَ وَاسْتَعْمَلَ جَرِيرًا مَكَانَهُ، وَجَمَعَ لَهُ بَجِيلَةَ، وَأَرَى جَرِيرًا وَبَجِيلَةَ أَنَّهُ يَبْعَثُ عَرْفَجَةَ إِلَى الشَّامِ، فَحَبَّبَ ذَلِكَ إِلَى جَرِيرٍ الْعِرَاقَ، وَخَرَجَ جَرِيرٌ في قومه ممدا للمثنى ابن حَارِثَةَ، حَتَّى نَزَلَ ذَا قَارَ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْجُلِّ وَالْمُثَنَّى بِمَرْجِ السّبَاخِ، أَتَى الْمُثَنَّى الْخَبَرُ عَنْ حَدِيثِ بَشِيرٍ وَهُوَ بِالْحِيرَةِ، أَنَّ الأَعَاجِمَ قَدْ بَعَثُوا مِهْرَانَ، وَنَهَضَ مِنَ الْمَدَائِنِ شَاخِصًا نَحْوَ الْحِيرَةِ فَأَرْسَلَ الْمُثَنَّى إِلَى جَرِيرٍ وَإِلَى عِصْمَةَ بِالْحَثِّ، وَقَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ أَلا يَعْبُرُوا بَحْرًا وَلا جِسْرًا إِلا بَعْدَ ظَفْرٍ، فَاجْتَمَعُوا بِالْبُوَيْبِ، فَاجْتَمَعَ الْعَسْكَرَانِ عَلَى شَاطِئِ الْبُوَيْبِ الشَّرْقِيِّ، وَكَانَ الْبُوَيْبُ مُغِيضًا لِلْفُرَاتِ أَيَّامَ الْمُدُودِ، أَزْمَانَ فَارِسَ، يَصُبُّ فِي الْجَوْفِ، وَالْمُشْرِكُونَ بِمَوْضِعِ دَارِ الرِّزْقِ، وَالْمُسْلِمُونَ بِمَوْضِعِ السَّكُونِ كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَطِيَّةَ وَالْمُجَالِدِ بِإِسْنَادِهِمَا، قَالا: وَقَدِمَا عَلَى عُمَرَ غُزَاةُ بَنِي كِنَانَةَ وَالأَزْدِ فِي سبعمائة جَمِيعًا، فَقَالَ: أَيُّ الْوُجُوهِ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ؟ قَالُوا: الشَّامُ، أَسْلافُنَا أَسْلافُنَا! فَقَالَ: ذَلِكَ قَدْ كُفِيتُمُوهُ، الْعِرَاقَ الْعِرَاقَ! ذَرُوا بَلْدَةً قَدْ قَلَّلَ اللَّهُ شَوْكَتَهَا وَعَدَدَهَا، وَاسْتَقْبِلُوا جِهَادَ قَوْمٍ قَدْ حَوَوْا فُنُونَ الْعَيْشِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُورِثَكُمْ بِقِسْطِكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَتَعِيشُوا مَعَ مَنْ عَاشَ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيُّ وَعَرْفَجَةُ الْبَارِقِيُّ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِقَوْمِهِ، وَقَامَا فِيهِمْ:

يَا عَشِيرَتَاهُ! أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَا يَرَى، وَأَمْضُوا لَهُ مَا يُسْكِنُكُمْ قَالُوا:

إِنَّا قَدْ أَطَعْنَاكَ وَأَجَبْنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَا رَأَى وَأَرَادَ فَدَعَا لَهُمْ عُمَرُ بِخَيْرٍ وَقَالَهُ لَهُمْ، وَأَمَّرَ عَلَى بَنِي كِنَانَةَ غَالِبَ بْنَ عبدِ اللَّهِ وَسَرَّحَهُ، وَأَمَّرَ عَلَى الأَزْدِ عَرْفَجَةَ بْنَ هَرْثَمَةَ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ بَارِقَ، وَفَرِحُوا بِرُجُوعِ عَرْفَجَةَ إِلَيْهِمْ.

فَخَرَجَ هَذَا فِي قَوْمِهِ، وَهَذَا فِي قَوْمِهِ، حَتَّى قَدِمَا عَلَى الْمُثَنَّى.

كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَمْرٍو

<<  <  ج: ص:  >  >>