للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلينا، وإما أن نعبر إليكم، فقال المسلمون: اعبروا إلينا، فارتحلوا من بسوسيا إلى شوميا، وهي موضع دار الرزق.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن عبيد الله بْن محفز، عن أبيه، أن العجم لما أذن لهم في العبور نزلوا شوميا موضع دار الرزق، فتعبوا هنالك، فأقبلوا إلى المسلمين في صفوف ثلاثة مع كل صف فيل، ورجلهم أمام فيلهم، وجاءوا ولهم زجل فقال المثنى للمسلمين: إن الذي تسمعون فشل، فالزموا الصمت وائتمروا همسا فدنوا من المسلمين وجاءوهم من قبل نهر بني سليم نحو موضع نهر بنى سليم، فلما دنوا زحفوا، وصف المسلمون فيما بين نهر بني سليم اليوم وما وراءها كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُحَمَّد وطلحة، قالا:

وكان على مجنبتي المثنى بشير وبسر بْن أبي رهم، وعلى مجردته الْمُعَنَّى، وعلى الرجل مسعود، وعلى الطلائع قبل ذلك اليوم النسير، وعلى الردء مذعور، وكان على مجنبى مهران ابن الازاذبه مرزبان الحيرة ومردان شاه.

ولما خرج المثنى طاف في صفوفه يعهد إليهم عهده، وهو على فرسه الشموس- وكان يدعى الشموس من لين عريكته وطهارته، فكان إذا ركبه قاتل، وكان لا يركبه إلا لقتال ويدعه ما لم يكن قتال- فوقف على الرايات راية راية يحضضهم، ويأمرهم بأمره، ويهزهم بأحسن ما فيهم، تحضيضا لهم، ولكلهم يقول: إني لأرجو ألا تؤتى العرب اليوم من قبلكم، والله ما يسرني اليوم لنفسي شيء إلا وهو يسرني لعامتكم، فيجيبونه بمثل ذلك وأنصفهم المثنى في القول والفعل، وخلط الناس في المكروه والمحبوب، فلم يستطع أحد منهم أن يعيب له قولا ولا عملا ثم قال: إني مكبر ثلاثا فتهيئوا، ثم احملوا مع الرابعة، فلما كبر أول تكبيرة أعجلهم أهل فارس وعاجلوهم فخالطوهم مع أول تكبيرة، وركدت حربهم مليا، فرأى المثنى خللا في بعض صفوفه، فأرسل إليهم رجلا، وقال: إن الأمير يقرأ عليكم السلام، ويقول: لا تفضحوا المسلمين اليوم، فقالوا: نعم، واعتدلوا، وجعلوا قبل ذلك يرونه وهو يمد لحيته لما يرى منهم، فاعتنوا بأمر لم يجيء به

<<  <  ج: ص:  >  >>