للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُيُوتِ، فَبَثَّ غَارَتَهُ، فَقَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَوُا الذُّرِيَّةَ، وَاسْتَاقُوا الأَمْوَالَ، وَإِذَا هُمْ بَنُو ذِي الرُّوَيْحِلَةِ، فَاشْتَرَى مَنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ رَبِيعَةَ السَّبَايَا بِنَصِيبِهِ مِنَ الْفَيْءِ، وَأَعْتَقُوا سَبْيَهُمْ، وَكَانَتْ رَبِيعَةُ لا تُسْبَى إِذِ الْعَرَبُ يَتَسَابُونَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَأَخْبِرَ الْمُثَنَّى أَنَّ جُمْهُورَ مَنْ سَلَكَ الْبِلادَ قَدِ انْتَجَعُوا الشَّطَّ، شَاطِئَ دِجْلَةَ، فَخَرَجَ الْمُثَنَّى، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي غَزَوَاتِهِ هَذِهِ بَعْدَ الْبُوَيْبِ كُلِّهَا حُذَيْفَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْغلفَانِيُّ، وَعَلى مُجَنِّبَتَيْهِ النُّعْمَانُ بْنُ عَوْفِ بْنِ النُّعْمَانِ وَمَطَرٌ الشَّيْبَانِيَّانِ، فَسَرَّحَ فِي أَدْبَارِهِمْ حُذَيْفَةَ وَأَتْبَعَهُ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِتِكْرِيتَ دُوَيْنَهَا مِنْ حَيْثُ طَلَبُوهُمْ يَخُوضُونَ الْمَاءَ، فَأَصَابُوا مَا شَاءُوا مِنَ النَّعَمِ، حَتَّى أَصَابَ الرَّجُلُ خمسًا مِنَ النَّعَمِ، وَخمسًا مِنَ السَّبْيِ، وَخُمْسَ الْمَالِ، وَجَاءَ بِهِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَى النَّاسِ بِالأَنْبَارِ، وَقَدْ مَضَى فُرَاتُ وَعُتَيْبَةُ فِي وُجُوهِهِمَا، حَتَّى أَغَارُوا عَلَى صِفِّينَ وَبِهَا النَّمِرُ وَتَغْلِبُ مُتَسَانِدَيْنِ، فَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى رَمَوْا بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ فِي الْمَاءِ، فَنَاشَدُوهُمْ فَلَمْ يُقْلِعُوا عَنْهُمْ، وَجَعَلُوا يُنَادُونَهُمُ: الْغَرَقَ الْغَرَقَ! وَجَعَلَ عُتَيْبَةُ وَفُرَاتُ يَذْمُرُونَ النَّاسَ، وَيُنَادُونَهُمْ: تَغْرِيقٌ بِتَحْرِيقٍ- يُذَكِّرُونَهُمْ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَحْرَقُوا فِيهِ قَوْمًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِي غَيْضَةٍ مِنَ الْغِيَاضِ- ثُمَّ انْكَفَئُوا رَاجِعِينَ إِلَى الْمُثَنَّى، وَقَدْ غَرَّقُوهُمْ.

وَلَمَّا تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى عَسْكَرِهِمْ بِالأَنْبَارِ وَتَوَافَى بِهَا الْبُعُوثُ وَالسَّرَايَا، انْحَدَرَ بِهِمُ الْمُثَنَّى إِلَى الْحِيرَةِ، فَنَزَلَ بِهَا وَكَانَتْ تَكُونُ لِعُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعُيُونُ فِي كُلِّ جَيْشٍ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِمَا كَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، وبلغه الذى قال عُتَيْبَةُ وَفُرَاتُ يَوْمَ بَنِي تَغْلِبَ وَالْمَاءِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا، فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا قَالا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ مَثَلٌ، وَأَنَّهُمَا لَمْ يَفْعَلا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ طَلَبِ ذِحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَاسْتَحْلَفَهُمَا، فَحَلَفَا أَنَّهُمَا مَا أَرَادَا بِذَلِكَ إِلا الْمَثَلَ وَإِعْزَازَ الإِسْلامِ، فَصَدَّقَهُمَا وَرَدَّهُمَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى الْمُثَنَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>