للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك ما حَدَّثَنِي محمد بن سهل بن عسكر، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه، أنه قال: إن رجلا ملك وهو فتى شاب، فقال: إني لأجد للملك لذة وطعما، فلا أدري: أكذلك كل الناس أم أنا وجدته من بينهم؟ فقيل له:

بل الملك كذلك، فقال: ما الذي يقيمه لي؟ فقيل له: يقيمه لك أن تطيع الله فلا تعصيه فدعا ناسا من خيار من كان في ملكه فقال لهم:

كونوا بحضرتي في مجلسي، فما رأيتم أنه طاعة لله عز وجل فأمروني أن أعمل به، وما رأيتم أنه معصية لله فازجروني عنه أنزجر، ففعل ذلك هو وهم، واستقام له ملكه بذلك أربعمائة سنة مطيعا لله عز وجل ثم إن إبليس انتبه لذلك فقال:

تركت رجلا يعبد الله ملكا أربعمائة سنة! فجاء فدخل عليه فتمثل له برجل، ففزع منه الملك، فقال: من أنت؟ قال إبليس: لا ترع، ولكن أخبرني من أنت؟ قال الملك: أنا رجل من بني آدم، فقال له إبليس: لو كنت من بني آدم لقد مت كما يموت بنو آدم، ألم تر كم قد مات من الناس وذهب من القرون! لو كنت منهم لقد مت كما ماتوا، ولكنك إله، فادع الناس إلى عبادتك فدخل ذلك في قلبه ثم صعد المنبر، فخطب الناس فقال: أيها الناس، إني قد كنت أخفيت عنكم أمرا بان لي إظهاره، لكم تعلمون أني ملكتكم منذ أربعمائة سنة، ولو كنت من بني آدم لقد مت كما ماتوا، ولكني إله فاعبدوني فأرعش مكانه، وأوحى الله إلى بعض من كان معه فقال:

أخبره أني قد استقمت له ما استقام لي، فإذا تحول عن طاعتي إلى معصيتي فلم يستقم لي، فبعزتي حلفت لأسلطن عليه بخت ناصر، فليضربن عنقه، وليأخذن ما في خزائنه وكان في ذلك الزمان لا يسخط الله على أحد إلا سلط عليه بخت ناصر، فلم يتحول الملك عن قوله، حتى سلط الله عليه بخت ناصر، فضرب عنقه، وأوقر من خزائنه سبعين سفينة ذهبا.

قال أبو جعفر: ولكن بين بخت ناصر وجم دهر طويل، إلا أن يكون الضحاك كان يدعى في ذلك الزمان بخت ناصر

<<  <  ج: ص:  >  >>