للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عن ابن إسحاق، عن الحسن ابن دِينَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ أَوَّلَ مَا حَمَلَ نُوحٌ فِي الْفُلْكِ مِنَ الدَّوَابِّ الذرة، وَآخِرَ مَا حَمَلَ الْحِمَارُ فَلَمَّا أَدْخَلَ الْحِمَارَ وَدَخَلَ صَدْرُهُ تَعَلَّقَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ بِذَنَبِهِ فَلَمْ تَسْتَقِلَّ رِجْلاهُ، فَجَعَلَ نُوحٌ يَقُولُ: وَيْحَكَ! ادْخُلْ، فَيَنْهَضُ فَلا يَسْتَطِيعُ، حَتَّى قَالَ نُوحٌ، وَيْحَكَ! ادْخُلْ وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ مَعَكَ، قَالَ كَلِمَةٌ زَلَّتْ عَنْ لِسَانِهِ، فَلَمَّا قَالَهَا نُوحٌ خَلَّى الشَّيْطَانُ سَبِيلَهُ، فَدَخَلَ وَدَخَلَ الشَّيْطَانُ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ نُوحٌ: مَا أَدْخَلَكَ عَلَيَّ يَا عَدُوَّ اللَّهِ! قَالَ: أَلَمْ تَقُلِ: ادْخُلْ وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ مَعَكَ!، قَالَ: اخْرُجْ عَنِّي يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَقَالَ: مالك بُدٌّ مِنْ أَنْ تَحْمِلَنِي، فَكَانَ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- فِي ظَهْرِ الْفُلْكِ، فَلَمَّا اطْمَأَنَّ نُوحٌ فِي الْفُلْكِ وَأَدْخَلَ فِيهِ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي دخل فيها نوح بعد ستمائه سَنَةٍ مِنْ عُمْرِهِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنَ الشَّهْرِ، فَلَمَّا دَخَلَ وَحَمَلَ مَعَهُ مَنْ حمل، تحرك يَنَابِيعُ الْغَوْطِ الأَكْبَرِ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، كَمَا قال الله لنبيه ص: «فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ» فَدَخَلَ نُوحٌ وَمَنْ مَعَهُ الْفُلْكَ وَغَطَّاهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ بِطَبَقَةٍ، فَكَانَ بَيْنَ أَنْ أَرْسَلَ اللَّهُ الْمَاءَ وَبَيْنَ أَنِ احْتَمَلَ الْمَاءُ الْفُلْكَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً ثُمَّ احْتَمَلَ الْمَاءُ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ التَّوْرَاةِ، وَكَثُرَ وَاشْتَدَّ وَارْتَفَعَ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص.

«وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ» .

وَالدُّسُرُ: الْمَسَامِيرُ، مَسَامِيرُ الْحَدِيدِ فَجَعَلَتِ الْفُلْكُ تَجْرِي بِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ، وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ الَّذِي هَلَكَ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ حِينَ رَأَى نُوحٌ مِنْ صِدْقِ مَوْعُودِ رَبِّهِ مَا رَأَى، فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ» ، وَكَانَ شَقِيًّا قَدْ أُضْمِرَ كُفْرًا، «قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ» ، وَكَانَ عَهَدَ الْجِبَالَ وهي حرز

<<  <  ج: ص:  >  >>