وَثَارَتْ بِهِمُ الأَعَاجِمُ، وَخَشِيَ سَعْدٌ مِنْهُمَا الَّذِي كَانَ، فَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ الْمَكْشُوحِ فِي آثَارِهِمَا فِي سَبْعِينَ رَجُلا، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ نُهِيَ عَنْهُمْ أَنْ يُوَلِّيَهُمُ الْمِائَةَ، وَقَالَ: إِنْ لَحِقْتَهُمْ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ نَحْوَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْمَخَاضَةِ وَجَدَ الْقَوْمَ يَكْرُدُونَ عَمْرًا وَأَصْحَابَهُ، فَنَهْنَهَ النَّاسَ عَنْهُ، وَأَقْبَلَ قَيْسٌ عَلَى عَمْرٍو يَلُومُهُ، فَتَلاحَيَا، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: إِنَّهُ قَدْ أُمِّرَ عَلَيْكَ، فَسَكَتَ، وَقَالَ: يَتَأَمَّرُ عَلَيَّ رَجُلٌ قَدْ قَاتَلْتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عُمْرَ رَجُلٍ! فَرَجَعَ إِلَى الْعَسْكَرِ، وَأَقْبَلَ طُلَيْحَةُ حَتَّى إِذَا كَانَ بحيال السكر، كَبَّرَ ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَطَلَبَهُ الْقَوْمُ فَلَمْ يَدْرُوا أَيْنَ سَلَكَ! وَسَفَلَ حَتَّى خَاضَ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْعَسْكَرِ، فَأَتَى سَعْدًا فَأَخْبَرَهُ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ وَمَا يَدْرُونَ مَا هُوَ! كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن قدامة الكاهلي، عمن حدثه، أن عشرة إخوة من بني كاهل بْن أسد، يقال لهم بنو حرب، جعل أحدهم يرتجز ليلتئذ، ويقول:
أنا ابن حرب ومعى مخراقى اضربهم بصارم رقراق اذكره الموت أبو إسحاق وجاشت النفس على التراقي صبرا عفاق إنه الفراق.
وكان عفاق أحد العشرة، فأصيب فخذ صاحب هذا الشعر يومئذ، فأنشأ يقول:
صبرا عفاق إنها الأساوره صبرا ولا تغررك رجل نادره فمات من ضربته يومئذ.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن النضر، عن ابن الرفيل، عن أَبِيهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي شَجَّارٍ، قَالَ: بَعَثَ سَعْدٌ طُلَيْحَةَ فِي حَاجَةٍ فَتَرَكَهَا، وَعَبَرَ الْعَتِيقَ، فَدَارَ إِلَى عَسْكَرِ الْقَوْمِ، حَتَّى إِذَا وَقَفَ عَلَى رَدْمِ النَّهْرِ كَبَّرَ ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ، فَرَاعَ أَهْلَ فَارِسَ، وَتَعَجَّبَ الْمُسْلِمُونَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute