للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَرَهُمْ قَالَ: فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَيَقُولُ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَبَوْا إِلا ضَغَنًا! وَمَاذَا لَهُمْ إِنْ يَظْهَرْ عَلَيْنَا الرُّومُ! لَنَحْنُ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُمْ.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَ نَصْرَهُ، فَهُزِمَتِ الرُّومُ وَجُمُوعُ هِرَقْلَ الَّتِي جَمَعَ، فَأُصِيبَ مِنَ الرُّومِ أَهْلُ أَرْمِينِيَةَ وَالْمُسْتَعْرِبَةِ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَقَتَلَ اللَّهُ الصّقلارَ وَبَاهَانَ، وَقَدْ كَانَ هِرَقْلُ قَدَّمَهُ مَعَ الصّقلارِ حِينَ لَحِقَ بِهِ، فَلَمَّا هُزِمَتِ الرُّومُ بَعَثَ أَبُو عُبَيْدَةَ عِيَاضَ بْنَ غَنْمٍ فِي طَلَبِهِمْ، فَسَلَكَ الأَعْمَاقَ حَتَّى بَلَغَ مَلَطْيَةَ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى الْجِزْيَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَلَمَّا سَمِعَ هِرَقْلُ بِذَلِكَ بَعَثَ إِلَى مُقَاتِلَتِهَا وَمَنْ فِيهَا، فَسَاقَهُمْ إِلَيْهِ، وَأَمَرَ بِمَلَطْيَةَ فَحُرِقَتْ وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ.

قَالَ: وَفِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ، قَتَلَ اللَّهُ رُسْتُمَ بِالْعِرَاقِ، وَشَهِدَ أَهْلُ الْيَرْمُوكِ حِينَ فَرَغُوا مِنْهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَذَلِكَ أَنَّ سَعْدًا حِينَ حُسِرَ عَنْهُ الشِّتَاءُ، سَارَ مِنْ شَرَافَ يُرِيدُ الْقَادِسِيَّةَ، فَسَمِعَ بِهِ رُسْتُمُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ سَعْدٌ وَقَفَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ يَسْتَمِدَّهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ الثَّقَفِيَّ فِي أربعمائة رجل مددا من المدينة، وامده بقيس ابن مكشوح المرادى في سبعمائة، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ مِنَ الْيَرْمُوكِ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: أَنْ أَمِدَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَمِيرَ الْعِرَاقِ بِأَلْفِ رَجُلٍ مِنْ عِنْدِكَ، فَفَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عِيَاضَ بْنَ غَنْمٍ الْفِهْرِيَّ، وَأَقَامَ تِلْكَ الْحُجَّةَ لِلنَّاسِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.

وَقَدْ كَانَ لِكِسْرَى مُرَابِطَةٌ فِي قَصْرِ بَنِي مُقَاتِلٍ، عَلَيْهَا النُّعْمَانُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَهُوَ ابْنُ حَيَّةَ الطَّائِيِّ ابْنُ عَمِّ قَبِيصَةَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ حَيَّةَ الطَّائِيِّ صَاحِبِ الْحِيرَةِ، فَكَانَ فِي مَنْظَرَةٍ لَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ سَأَلَ عَنْهُ عبد الله بن سنان ابن جَرِيرٍ الأَسَدِيَّ، ثُمَّ الصَّيْدَاوِيَّ، فَقِيلَ لَهُ: رَجُلٌ من قريش، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>