بپايه، أَيْ كَمَا أَنْتَ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ هِلالُ بْنُ عُلَّفَةَ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ احْتَزَّ رَأْسَهُ فَعَلَّقَهُ، وَوَلَّتِ الْفُرْسُ فَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ، فَلَمَّا بَلَغَتِ الْفُرْسُ الْخَرَّارَةَ نَزَلُوا فَشَرِبُوا مِنَ الْخَمْرِ، وَطَعِمُوا مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ رَمْيِهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ فِي الْعَرَبِ وَخَرَجَ جَالِنُوسُ فَرَفَعُوا لَهُ كُرَةً فَهُوَ يَرْمِيهَا وَيَشُكُّهَا بِالنُّشَّابِ، وَلَحِقَ بِهِمْ فِرْسَانٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ هُنَالِكَ، فَشَدَّ عَلَى جَالِنُوسَ زَهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ التَّمِيمِيُّ فَقَتَلَهُ، وَانْهَزَمَتِ الْفُرْسُ، فَلَحِقُوا بِدَيْرِ قُرَّةَ وَمَا وَرَاءَهُ، وَنَهَضَ سَعْدٌ بِالْمُسْلِمِينَ حَتَّى نَزَلَ بِدَيْرِ قُرَّةَ عَلَى مَنْ هُنَالِكَ مِنَ الْفُرْسِ، وَقَدْ قَدِمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بِدَيْرِ قُرَّةَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ فِي مَدَدِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَهُمْ الف رجل، فأسهم له سعد ولأصحابه مع الْمُسْلِمِينَ فِيمَا أَصَابُوا بِالْقَادِسِيَّةِ، وَسَعْدٌ وَجِعٌ مِنْ قرحته تلك، وقال جرير ابن عَبْدِ اللَّهِ:
أَنَا جَرِيرٌ كُنْيَتِي أَبُو عَمْرِو ... قَدْ نَصَرَ اللَّهُ وَسَعْدٌ فِي الْقَصْرِ
وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا:
نُقَاتِلُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ ... وَسَعْدٌ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ مُعْصَمُ
فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أَيِّمُ
قَالَ: وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا سَعْدًا، خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، وَأَرَاهُمْ مَا بِهِ مِنَ الْقَرْحِ فِي فَخِذَيْهِ وَأَلْيَتَيْهِ، فَعَذَرَهُ النَّاسُ، وَلَمْ يَكُنْ سَعْدٌ لَعَمْرِي يَجْبُنُ، فَقَالَ سَعْدٌ يُجِيبُ جَرِيرًا فِيمَا قَالَ:
وَمَا أَرْجُو بَجِيلَةَ غَيْرَ أَنِّي ... أُؤَمَّلُ أَجْرَهُمْ يَوْمَ الْحِسَابِ
فَقَدْ لَقِيَتْ خُيُولُهُمْ خُيُولا ... وَقَدْ وَقَعَ الْفَوَارِسُ فِي ضِرَابِ
وَقَدْ دَلَفَتْ بِعَرْصَتِهِمْ فُيُولٌ ... كَأَنَّ زُهَاءَهَا إِبِلٌ جِرَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute