للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجابهم في كتاب أبي الهياج أما من أقام ولم يجل وليس له عهد فلهم ما لأهل العهد بمقامهم لكم وكفهم عنكم إجابة، وكذلك الفلاحون إذا فعلوا ذلك، وكل من ادعى ذلك فصدق فلهم الذمة، وإن كذبوا نبذ إليهم، وأما من أعان وجلا، فذلك أمر جعله اللَّه لكم، فإن شئتم فادعوهم إلى أن يقيموا لكم في أرضهم، ولهم الذمة، وعليهم الجزية، وإن كرهوا ذلك، فاقسموا ما أفاء اللَّه عليكم منهم.

فلما قدمت كتب عمر على سعد بْن مالك والمسلمين عرضوا على من يليهم ممن جلا وتنحى عن السواد أن يتراجعوا، ولهم الذمة وعليهم الجزية، فتراجعوا وصاروا ذمة كمن تم ولزم عهده، إلا أن خراجهم أثقل، فأنزلوا من ادعى الاستكراه وهرب منزلتهم وعقدوا لهم، وأنزلوا من أقام منزلة ذي العهد وكذلك الفلاحين، ولم يدخلوا في الصلح ما كان لآل كسرى، ولا ما كان لمن خرج معهم، ولم يجبهم إلى واحدة من اثنتين: الإسلام، أو الجزاء، فصارت فيئا لمن أفاء اللَّه عليه، فهي والصوافي الأولى ملك لمن أفاء اللَّه عليه، وسائر السواد ذمة وأخذوهم بخراج كسرى، وكان خراج كسرى على رءوس الرجال على ما في أيديهم من الحصة والأموال، وكان مما أفاء اللَّه عليهم ما كان لآل كسرى، ومن صوب معهم وعيال من قاتل معهم وماله، وما كان لبيوت النيران والآجام ومستنقع المياه، وما كان للسكك، وما كان لآل كسرى، فلم يتأت قسم ذلك الفيء الذي كان لآل كسرى ومن صوب معهم، لأنه كان متفرقا في كل السواد، فكان يليه لأهل الفيء من وثقوا به، وتراضوا عليه، فهو الذي يتداعاه أهل الفيء لأعظم السواد، وكانت الولاة عند تنازعهم فيها تهاون بقسمه بينهم، فذلك الذي شبه على الجهلة أمر السواد، ولو أن الحلماء جامعوا السفهاء الذين سألوا الولاة قسمه لقسموه بينهم، ولكن الحلماء أبوا، فتابع الولاة الحلماء، وترك قول السفهاء.

كذلك صنع علي رحمه اللَّه، وكل من طلب إليه قسم ذلك فإنما تابع

<<  <  ج: ص:  >  >>