وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَمُدَّهُمْ إِخْوَانُهُمْ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَجِّهَكَ إِلَى أَرْضِ الْهِنْدِ، لِتَمْنَعَ أَهْلَ تِلْكَ الْجِيزَةِ مِنْ إِمْدَادِ إِخْوَانِهِمْ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، وَتُقَاتِلَهُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْكُمْ فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، وَاتَّقِ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاحْكُمْ بِالْعَدْلِ، وَصَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَأَكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ عُتْبَةُ فِي ثلاثمائة وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا، وَضَوى إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الاعراب واهل البوادى، فقدم البصره في خمسمائة، يَزِيدُونَ قَلِيلا أَوْ يَنْقُصُونَ قَلِيلا، فَنَزَلَهَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ- أَوِ الآخِرِ- سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَالْبَصْرَةُ يَوْمَئِذٍ تُدْعَى أَرْضَ الْهِنْدِ فِيهَا حِجَارَةٌ بِيضٌ خَشِنٌ، فَنَزَلَ الْخُرَيْبَةَ، وَلَيْسَ بِهَا إِلا سَبْعُ دَسَاكِرَ، بِالزَّابُوقَةِ وَالْخُرَيْبَةِ وَمَوْضِعِ بَنِي تَمِيمٍ وَالأَزْدِ: ثِنْتَانِ بِالْخُرَيْبَةِ، وَثِنْتَانِ بِالأَزْدِ، وَثِنْتَانِ فِي مَوْضِعِ بَنِي تَمِيمٍ وَوَاحِدَةٌ بِالزَّابُوقَةِ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، وَوَصَفَ لَهُ مَنْزِلَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: اجْمَعْ لِلنَّاسِ مَوْضِعًا وَاحِدًا، وَلا تُفَرِّقْهُمْ، فَأَقَامَ عُتْبَةُ أَشْهُرًا لا يَغْزُو وَلا يَلْقَى أَحَدًا.
وأما مُحَمَّد بْن بشار، فإنه حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى أَبِو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عُمَيْرٍ وَشُوَيْسًا أَبَا الرُّقَادِ، قَالا: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ، فَقَالَ لَهُ: انْطَلِقْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي أَقْصَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأَدْنَى أَرْضِ الْعَجَمِ، فَأَقِيمُوا فَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ وَجَدُوا هَذَا الْكذان قَالُوا: مَا هَذِهِ الْبَصْرَةِ؟ فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا حِيَالَ الْجِسْرِ الصَّغِيرِ، فَإِذَا فِيهِ حُلَفَاءٌ وَقصب نابتة، فَقَالُوا: هَاهُنَا أُمِرْتُمْ، فَنَزَلُوا دُونَ صَاحِبِ الْفُرَاتِ، فاتوه فقالوا: ان هاهنا قَوْمًا مَعَهُمْ رَايَةٌ، وَهُمْ يُرِيدُونَكَ، فَأَقْبَلَ فِي أَرْبَعَةِ آلافِ إِسْوَارٍ، فَقَالَ: مَا هُمْ إِلا مَا أَرَى، اجْعَلُوا فِي أَعْنَاقِهِمُ الْحِبَالَ، وَأْتُونِي بِهِمْ، فَجَعَلَ عُتْبَةُ يَزْجِلُ، وَقَالَ: إِنِّي شَهِدْتُ الحرب مع النبي ص، حَتَّى إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: احْمِلُوا، فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا صَاحِبُ الْفُرَاتِ، أَخَذُوهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute