للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلف شهريار، دهقانا من دهاقين الباب بكوثى في جمع، فقدم زهرة ثم أتبعه الجنود، فخرج زهرة حتى ينزل على شهريار بكوثى بعد قتل فيومان والفرخان فيما بين سورا والدير.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سيف، عن النضر بن السري، عن ابن الرُّفَيْلِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ سَعْدٌ قَدِمَ زَهْرَةَ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ فَمَضَى مُتَشَعِّبًا فِي حَرْبِهِ وجنده، ثم لم يلق جمعا فهزمهم الا قدم، فَأَتْبَعَهُمْ لا يَمُرُّونَ بِأَحَدٍ إِلا قَتَلُوهُ مِمَّنْ لَحِقُوا بِهِ مِنْهُمْ أَوْ أَقَامَ لَهُمْ، حَتَّى إِذَا قَدِمَهُ مِنْ بَابِلَ قَدِمَ زَهْرَةَ بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيُّ وَكَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ السَّعْدِيُّ أَخَا الْغَلاقِ حِينَ عَبَرَ الصَّرَاةَ، فَيَلْحَقُونَ بِأُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ وَفِيهِمْ فيومَانُ وَالْفرخَانُ، هَذَا مِيسَانِيٌّ وَهَذَا أَهْوَازِيٌّ، فَقَتَلَ بُكَيْرٌ الْفرخَانَ، وَقَتَلَ كَثِيرٌ فيومَانَ بِسُورَا ثُمَّ مَضَى زَهْرَةُ حَتَّى جَاوَزَ سُورَا، ثُمَّ نَزَلَ، وَأَقْبَلَ هَاشِمٌ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ سَعْدٌ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَدِمَ زَهْرَةُ، فَسَارَ تِلْقَاءَ الْقَوْمِ، وَقَدْ أَقَامُوا لَهُ فِيمَا بَيْنَ الدَّيْرِ وَكُوثَى، وَقَدِ اسْتَخْلَفَ النخيرجَانُ وَمِهْرَانُ عَلَى جُنُودِهِمَا شَهْرَيَارَ، دِهْقَانَ الْبَابِ ومضيا الى المدائن، واقام شهريار هُنَالِكَ، فَلَمَّا الْتَقَوْا بِأَكْنَافِ كُوثَى، جَيْشُ شَهْرَيَارِ وَأَوَائِلُ الْخَيْلِ، خَرَجَ فَنَادَى:

أَلا رَجُلٌ، أَلا فَارِسٌ مِنْكُمْ شَدِيدٌ عَظِيمٌ يَخْرُجُ إِلَيَّ حَتَّى أَنْكُلَ بِهِ! فَقَالَ زَهْرَةُ: لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ أُبَارِزَكَ، فَأَمَّا إِذْ سَمِعْتُ قَوْلَكَ، فَإِنِّي لا أُخْرِجُ إِلَيْكَ إِلا عَبْدًا، فَإِنْ أَقَمْتَ لَهُ قَتَلَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِبَغْيِكَ، وَإِنْ فَرَرْتَ مِنْهُ فَإِنَّمَا فَرَرْتَ مِنْ عَبْدٍ، وَكَايَدَهُ، ثُمَّ أَمَرَ أَبَا نُبَاتَةَ نَائِلَ بْنَ جُعْشُمٍ الأَعْرَجِيَّ- وَكَانَ مِنْ شُجْعَانِ بَنِي تَمِيمٍ- فَخَرَجَ إِلَيْهِ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّمْحُ، وَكِلاهُمَا وَثِيقُ الْخلقِ، إِلا أَنَّ الشَّهْرَيَارَ مِثْلُ الْجَمَلِ، فَلَمَّا رَأَى نَائِلا أَلْقَى الرُّمْحَ لِيَعْتَنِقَهُ، وَأَلْقَى نَائِلٌ رُمْحَهُ لِيَعْتَنِقَهُ، وَانْتَضَيَا سَيْفَيْهِمَا فَاجْتَلَدَا، ثُمَّ اعْتَنَقَا فَخَرَّا عَنْ دَابَّتَيْهِمَا، فَوَقَعَ عَلَى نَائِلٍ كَأَنَّهُ بَيْتٌ، فَضَغَطَهُ بِفَخْذِهِ، وَأَخَذَ الْخِنْجَرَ وَأَرَاغَ حَلَّ ازرار درعه، فوقعت ابهامه في فم نائل، فحطم عظمهما، وَرَأَى مِنْهُ فُتُورًا، فَثَاوَرَهُ فَجَلَدَ بِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ قَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ، وَأَخَذَ خِنْجَرَهُ، فَكَشَفَ درعه عن بطنه، فطعنه فِي بَطْنِهِ وَجَنْبِهِ حَتَّى مَاتَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>