كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن الأعمش، عن حبيب بْن صهبان، قال: دخلنا المدائن، فأتينا على قباب تركية مملوءة سلالا مختمة بالرصاص، فما حسبناها إلا طعاما، فإذا هي آنية الذهب والفضة فقسمت بعد بين الناس وقال حبيب: وقد رأيت الرجل يطوف ويقول: من معه بيضاء بصفراء؟ وأتينا على كافور كثير، فما حسبناه إلا ملحا، فجعلنا نعجن به حتى وجدنا مرارته في الخبز.
كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن النضر بن السري، عن ابن الرفيل، عن أبيه الرفيل بْن ميسور، قال: خرج زهرة في المقدمة يتبعهم حتى انتهى إلى جسر النهروان، وهم عليه، فازدحموا، فوقع بغل في الماء فعجلوا وكلبوا عليه، فقال زهرة: إني أقسم بالله إن لهذا البغل لشأنا! ما كلب القوم عليه ولا صبروا للسيوف بهذا الموقف الضنك إلا لشيء بعد ما أرادوا تركه، وإذا الذي عليه حلية كسرى، ثيابه وخرزاته ووشاحه ودرعه التي كان فيها الجوهر، وكان يجلس فيها للمباهاة، وترجل زهرة يومئذ حتى إذا أزاحهم أمر أصحابه بالبغل فاحتملوه، فأخرجوه فجاءوا بما عليه، حتى رده إلى الاقباض، ما يدرون ما عليه، وارتجز يومئذ زهرة:
فدى لقومي اليوم أخوالي وأعمامي هم كرهوا بالنهر خذلاني وإسلامي هم فلجوا بالبغل في الخصام بكل قطاع شئون الهام وصرعوا الفرس على الآكام كأنهم نعم من الأنعام كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن هبيرة بْن الأشعث، عن جده الكلج، قال: كنت فيمن خرج في الطلب، فإذا أنا ببغالين قد ردا الخيل عنهما بالنشاب، فما بقي معهما غير نشابتين، فألظظت بهما، فاجتمعا، فقال أحدهما لصاحبه: ارمه وأحميك، أو أرميه وتحميني!