إلى مقعد فهو له، حتى يقوم منه إلى بيته أو يفرغ من بيعه، وقد كانوا أعدوا مناخا لكل رادف، فكان كل من يجيء سواء فيه- وذلك المناخ اليوم دور بنى البكاء- حتى يأتوا بالهياج، فيقوم في أمرهم حتى يقطع لهم حيث أحبوا وقد بنى سعد في الذين خطوا للقصر قصرا بحيال محراب مسجد الكوفة اليوم، فشيده، وجعل فيه بيت المال، وسكن ناحيته ثم إن بيت المال نقب عليه نقبا، وأخذ من المال، وكتب سعد بذلك إلى عمر، ووصف له موضع الدار وبيوت المال من الصحن مما يلي ودعة الدار.
فكتب إليه عمر: أن انقل المسجد حتى تضعه إلى جنب الدار، واجعل الدار قبلته، فإن للمسجد أهلا بالنهار وبالليل، وفيهم حصن لمالهم، فنقل المسجد وأراغ بنيانه، فقال له دهقان من أهل همذان، يقال له روزبه بْن بزرجمهر: أنا أبنيه لك، وأبني لك قصرا فأصلهما، ويكون بنيانا واحدا فخط قصر الكوفة على ما خط عليه، ثم أنشأه من نقض آجر قصر كان للأكاسرة في ضواحي الحيرة على مساحته اليوم، ولم يسمح به، ووضع المسجد بحيال بيوت الأموال منه إلى منتهى القصر، يمنة على القبلة، ثم مد به عن يمين ذلك إلى منقطع رحبة على بن ابى طالب ع، والرحبة قبلته، ثم مد به فكانت قبلة المسجد إلى الرحبة وميمنة القصر، وكان بنيانه على أساطين من رخام كانت لكسرى بكنائس بغير مجنبات، فلم يزل على ذلك حتى بني أزمان معاوية بْن أبي سفيان بنيانه اليوم، على يدي زياد.
ولما أراد زياد بنيانه دعا ببنائين من بنائي الجاهلية، فوصف لهم موضع المسجد وقدره وما يشتهي من طوله في السماء، وقال: أشتهي من ذلك شيئا لا أقع على صفته، فقال له بناء قد كان بناء لكسرى: لا يجيء هذا إلا بأساطين من جبال أهواز، تنقر ثم تثقب، ثم تحشى بالرصاص وبسفافيد الحديد، فترفعه ثلاثين ذراعا في السماء، ثم تسقفه، وتجعل له مجنبات ومواخير، فيكون أثبت له فقال: هذه الصفة التي كانت نفسي تنازعني