منه الرعب، فهرب عن منازله، وخلى مكانه، وانفتح للأعاجم فيه ما أرادوا، فاجتمعوا إلى كابي وتناظروا، فأعلمهم كابي أنه لا يتعرض للملك، لأنه ليس من أهله، وأمرهم أن يملكوا بعض ولد جم، لأنه ابن الملك الاكبر او شهنق بن فرواك الذي رسم الملك، وسبق إلى القيام به، وكان أفريدون بن أثفيان مستخفيا في بعض النواحي من الضحاك، فوافى كابي ومن كان معه، فاستبشر القوم بموافاته، وذلك أنه كان مرشحا للملك برواية كانت لهم في ذلك، فملكوه، وصار كابي والوجوه لأفريدون أعوانا على أمره، فلما ملك وأحكم ما احتاج إليه من أمر الملك، واحتوى على منازل الضحاك، أتبعه فأسره بدنباوند في جبالها.
وبعض المجوس تزعم أنه جعله أسيرا حبيسا في تلك الجبال، موكلا به قوم من الجن.
ومنهم من يقول: إنه قتله، وزعموا أنه لم يسمع من أمور الضحاك شيء يستحسن غير شيء واحد، وهو أن بليته لما اشتدت ودام جوره وطالت أيامه، عظم على الناس ما لقوا منه، فتراسل الوجوه في أمره، فأجمعوا على المصير إلى بابه، فوافى بابه الوجوه والعظماء من الكور والنواحي، فتناظروا في الدخول عليه والتظلم اليه، والتاتى لاستعطافه، فاتفقوا على أن يقدموا للخطاب عنهم كابي الأصبهاني، فلما صاروا إلى بابه أعلم بمكانهم، فأذن لهم، فدخلوا وكابي متقدم لهم، فمثل بين يديه، وأمسك عن السلام، ثم قال: أيها الملك، أي السلام أسلم عليك؟ أسلام من يملك هذه الأقاليم كلها، أم سلام من يملك هذا الإقليم الواحد؟ يعني بابل، فقال له الضحاك: بل سلام من يملك هذه الأقاليم كلها، لأني ملك الأرض. فقال له الأصبهاني: فإذا كنت تملك الأقاليم كلها، وكانت يدك تنالها أجمع، فما بالنا قد خصصنا بمؤنتك