فوجهه في ثلاثمائه، فيهم سبعون رجلا من عظمائهم، وأمره أن ينتخب من كل بلدة يمر بها من أحب، فمضى سياه وأتبعه يزدجرد، حتى نزلوا إصطخر وأبو موسى محاصر السوس، فوجه سياه إلى السوس، والهرمزان إلى تستر، فنزل سياه الكلبانية، وبلغ أهل السوس أمر جلولاء ونزول يزدجرد إصطخر منهزما، فسألوا أبا موسى الأشعري الصلح، فصالحهم، وسار إلى رامهرمز وسياه بالكلبانية، وقد عظم أمر المسلمين عنده، فلم يزل مقيما حتى صار أبو موسى إلى تستر، فتحول سياه، فنزل بين رامهرمز وتستر، حتى قدم عمار بْن ياسر، فدعا سياه الرؤساء الذين كانوا خرجوا معه من إصبهان، فقال: قد علمتم أنا كنا نتحدث أن هؤلاء القوم أهل الشقاء والبؤس سيغلبون على هذه المملكة، وتروث دوابهم في إيوانات إصطخر ومصانع الملوك، ويشدون خيولهم بشجرها، وقد غلبوا على ما رأيتم، وليس يلقون جندا إلا فلوه، ولا ينزلون بحصن إلا فتحوه، فانظروا لأنفسكم قالوا: رأينا رأيك، قال: فليكفني كل رجل منكم حشمه والمنقطعين إليه، فإني أرى أن ندخل في دينهم ووجهوا شيرويه في عشرة من الأساورة إلى أبي موسى يأخذ شروطا على أن يدخلوا في الإسلام فقدم شيرويه على أبي موسى، فقال: إنا قد رغبنا في دينكم، فنسلم على أن نقاتل معكم العجم، ولا نقاتل معكم العرب، وإن قاتلنا أحد من العرب منعتمونا منه، وننزل حيث شئنا، ونكون فيمن شئنا منكم، وتلحقونا بأشراف العطاء، ويعقد لنا الأمير الذي هو فوقك بذلك فقال أبو موسى: بل لكم ما لنا، وعليكم ما علينا، قالوا:
لا نرضى.
وكتب أبو موسى إلى عمر بْن الخطاب، فكتب إلى أبي موسى: أعطهم ما سألوك فكتب أبو موسى لهم، فأسلموا، وشهدوا معه حصار تستر، فلم يكن أبو موسى يرى منهم جدا ولا نكاية، فقال لسياه: يا أعور، ما أنت وأصحابك كما كنا نرى! قال: لسنا مثلكم في هذا الدين ولا بصائرنا كبصائركم، وليس لنا فيكم حرم نحامي عنهم، ولم تلحقنا بأشراف العطاء