للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمُونَ مِنِّي أَمْرًا غَيْرَهُ خَيْرٌ مِنْهُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لا، قَالَ: فَإِنَّ بِلالَ بْنَ الْحَارِثِ يَزْعُمُ ذِيَّةً وَذِيَّةً، فَقَالُوا:

صَدَقَ بِلالٌ، فَاسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَبِالْمُسْلِمِينَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ- وَكَانَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ مَحْصُورًا- فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ! بَلَغَ الْبَلاءُ مُدَّتَهُ فَانْكَشَفَ، مَا أُذِنَ لِقَوْمٍ فِي الطَّلَبِ إِلا وَقَدْ رُفِعَ عَنْهُمُ الْبَلاءُ، فَكَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ:

أَغِيثُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَ جَهْدُهُمْ، وَأَخْرَجَ النَّاسَ إِلَى الاسْتِسْقَاءِ، فَخَرَجَ وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْعَبَّاسِ مَاشِيًا، فَخَطَبَ فَأَوْجَزَ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ جَثَا لِرُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَارْضَ عَنَّا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَمَا بَلَغُوا الْمَنْزِلَ رَاجِعِينَ حَتَّى خَاضُوا الْغُدْرَانَ كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن مبشر بْن الفضيل، عن جبير بْن صخر، عن عاصم بْن عمر بْن الخطاب، قال: قحط الناس زمان عمر عاما، فهزل المال، فقال أهل بيت من مزينة من أهل البادية لصاحبهم: قد بلغنا، فاذبح لنا شاة، قال: ليس فيهن شيء، فلم يزالوا به حتى ذبح لهم شاة، فسلخ عن عظم أحمر، فنادى: يا محمداه! فأري فيما يرى النائم ان رسول الله ص أتاه، فقال: أبشر بالحيا! ائت عمر فأقرئه مني السلام، وقل له: إن عهدي بك وأنت وفي العهد، شديد العقد، فالكيس الكيس يا عمر! فجاء حتى أتى باب عمر، فقال لغلامه:

استاذن لرسول رسول الله ص، فأتى عمر فأخبره، ففزع وقال:

رأيت به مسا! قال: لا، قال: فأدخله، فدخل فأخبره الخبر، فخرج فنادى في الناس، وصعد المنبر، وقال: أنشدكم بالذي هداكم للإسلام، هل رأيتم مني شيئا تكرهونه! قالوا: اللهم لا، قالوا: ولم ذاك؟ فأخبرهم، ففطنوا ولم يفطن، فقالوا: إنما استبطأك في الاستسقاء، فاستسق بنا، فنادى في الناس، فقام فخطب فأوجز، ثم صلى ركعتين فأوجز، ثم قال:

اللهم عجزت عنا أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا،

<<  <  ج: ص:  >  >>