للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاقْتَتَلَتْ خَيْلاهُمَا، جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَجُولُونَ بَعْدَ الْبُعْدِ فَدَمَّرَهُمْ عَمْرٌو، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ مِنْ حِجَارَةٍ وَلا حَدِيدٍ! فَقَالَ: اسْكُتْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ كَلْبٌ، قَالَ: فَأَنْتَ أَمِيرُ الْكِلابِ، قَالَ: فَلَمَّا جَعَلَ ذَلِكَ يَتَوَاصَلُ نادى عمرو: اين اصحاب رسول الله ص؟ فَحَضَرَ مَنْ شَهِدَهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص، فَقَالَ: تَقَدَّمُوا، فَبِكُمْ يَنْصُرُ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ فَتَقَدَّمُوا وَفِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أَبُو بُرْدَةَ وَأَبُو بَرْزَةَ، وَنَاهَدَهُمُ النَّاسُ يَتْبَعُونَ الصَّحَابَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَظَفَرُوا أَحْسَنَ الظَّفْرِ.

وَافْتُتِحَتْ مِصْرُ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَقَامَ فِيهَا مُلْكُ الإِسْلامِ عَلَى رَجُلٍ، وَجَعَلَ يَفِيضُ عَلَى الأُمَمِ وَالْمُلُوكِ، فَكَانَ أَهْلُ مِصْرَ يَتَدَفَّقُونَ عَلَى الأجلِ، وَأَهْلُ مكران عَلَى رَاسِلَ وَدَاهِرَ، وَأَهْلُ سِجِسْتَانَ عَلَى الشَّاهْ وَذَويه، وَأَهْلُ خُرَاسَانَ وَالْبَابِ عَلَى خَاقَانَ، وَخَاقَانُ وَمَنْ دُونَهُمَا مِنَ الأُمَمِ، فَكَفْكَفَهُمْ عُمَرُ إِبْقَاءً عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ، وَلَوْ خَلَّى سربهم لَبَلَغُوا كُلَّ مَنْهَلٍ.

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْن سهل، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مسلم، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بْن أبي حبيب، أن المسلمين لما فتحوا مصر غزوا نوبة مصر، فقفل المسلمون بالجراحات، وذهاب الحدق من جودة الرمي، فسموا رماة الحدق، فلما ولي عبد اللَّه بْن سعد بْن أبي سرح مصر، ولاه إياها عثمان بْن عفان رضي اللَّه عنه، صالحهم على هدية عدة رؤوس منهم، يؤدونهم إلى المسلمين في كل سنة، ويهدي إليهم المسلمون في كل سنة طعاما مسمى وكسوه من نحو ذلك.

قال علي: قال الوليد: قال ابن لهيعة: وأمضى ذلك الصلح عثمان ومن بعده من الولاة والأمراء، وأقره عمر بْن عبد العزيز نظرا منه للمسلمين، وإبقاء عليهم.

قال سيف: ولما كان ذو القعدة من سنة ست عشرة، وضع عمر رضي اللَّه عنه مسالح مصر على السواحل كلها، وكان داعية ذلك أن هرقل أغزى

<<  <  ج: ص:  >  >>