مقرن، سلام عَلَيْك، فإني أحمد إليك اللَّه الَّذِي لا إله إلا هو، أما بعد، فإنه قد بلغني أن جموعا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند، فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر اللَّه، وبعون اللَّه، وبنصر اللَّه، بمن معك من المسلمين، ولا توطئهم وعرا فتؤذيهم، ولا تمنعهم حقهم فتكفرهم، ولا تدخلنهم غيضة، فإن رجلا من المسلمين أحب إلي من مائة ألف دينار والسلام عليك.
فسار النعمان إليه ومعه وجوه أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ حذيفة بْن اليمان، وعبد اللَّه بْن عمر بْن الخطاب، وجرير بْن عبد اللَّه البجلي، والمغيرة بْن شعبة، وعمرو بْن معديكرب الزبيدي، وطليحة بْن خويلد الأسدي، وقيس بْن مكشوح المرادي فلما انتهى النعمان بْن مقرن في جنده إلى نهاوند، طرحوا له حسك الحديد، فبعث عيونا، فساروا لا يعلمون بالحسك، فزجر بعضهم فرسه، وقد دخلت في يده حسكة، فلم يبرح، فنزل، فنظر في يده فإذا في حافره حسكة، فأقبل بها، وأخبر النعمان الخبر، فقال النعمان للناس: ما ترون؟ فقالوا: انتقل من منزلك هذا حتى يروا أنك هارب منهم، فيخرجوا في طلبك، فانتقل النعمان من منزله ذلك، وكنست الأعاجم الحسك، ثم خرجوا في طلبه، وعطف عليهم النعمان، فضرب عسكره، ثم عبى كتائبه، وخطب الناس فقال: إن أصبت فعليكم حذيفة بْن اليمان، وإن أصيب فعليكم جرير بْن عبد اللَّه، وإن أصيب جرير بْن عبد اللَّه فعليكم قيس بْن مكشوح، فوجد المغيرة بْن شعبة في نفسه إذ لم يستخلفه، فأتاه، فقال له: ما تريد أن تصنع؟ فقال: إذا أظهرت قاتلتهم، لانى رايت رسول الله ص يستحب ذلك، فقال المغيرة: لو كنت بمنزلتك باكرتهم القتال، قال له النعمان: ربما باكرت القتال، ثم لم يسود اللَّه وجهك وذلك يوم الجمعة فقال النعمان:
نصلي إن شاء اللَّه، ثم نلقى عدونا دبر الصلاة، فلما تصافوا قال النعمان للناس: إني مكبر ثلاثا، فإذا كبرت الأولى فشد رجل شسعه، وأصلح