للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَفِيهِمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارِ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنْ سِرْ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنْ سِرْ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّى تَجْتَمِعُوا جَمِيعًا بِنَهَاوَنْدَ، وَكَتَبَ: إِذَا الْتَقَيْتُمْ فَأَمِيرُكْمُ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِنَهَاوَنْدَ، أَرْسَلَ بُنْدَارٌ الْعلجَ إِلَيْهِمْ: أَنِ أَرْسِلُوا إِلَيْنَا رَجُلا نُكَلِّمَهُ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ أَبِي: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، رَجُلا طَوِيلَ الشَّعْرِ أَعْوَرَ، فَأَرْسَلُوهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ سَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: وَجَدْتُهُ قَدِ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ نَأْذَنُ لِهَذَا الْعَرَبِيِّ؟ بِشَارَتِنَا وَبَهْجَتِنَا وَمُلْكِنَا، أَوْ نَتَقَشَّفُ لَهُ فِيمَا قَبِلْنَا حَتَّى يَزْهَدَ؟ فَقَالُوا: لا، بَلْ بِأَفْضَلِ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّارَةِ وَالْعُدَّةِ، فَتَهَيَّئُوا بِهَا، فَلَمَّا أَتَيْنَاهُمْ كَادَتِ الْحِرَابُ وَالنَّيَازِكُ يَلْتَمِعُ مِنْهَا الْبَصَرُ، فَإِذَا هُمْ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلُ الشَّيَاطِينِ، وَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ قَالَ: فَمَضَيْتُ كَمَا أَنَا وَنَكَسْتُ، قَالَ: فَدَفَعْتُ وَنَهْنَهْتُ، فَقُلْتُ: الرُّسُلُ لا يُفْعَلُ بِهِمْ هَذَا، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ كَلْبٌ، فَقُلْتُ: مَعَاذَ اللَّهِ! لأَنَا أَشْرَفُ فِي قَوْمِي من هذا في قومه، فانتهرونى، وقالوا: اجْلِسْ، فَأَجْلَسُونِي قَالَ- وَتُرْجِمَ لَهُ قَوْلُهُ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَأَطْوَلُ النَّاسِ جُوعًا، وَأَشْقَى النَّاسِ شَقَاءً، وَأَقْذَرُ النَّاسِ قَذَرًا، وَأَبْعَدُهُ دَارًا، وَمَا مَنَعَنِي أَنْ آمُرَ هَؤُلاءِ الأَسَاوِرَةَ حَوْلِي أَنْ يَنْتَظِمُوكُمْ بِالنُّشَّابِ إِلا تَنَجُّسًا لِجيفِكُمْ، فَإِنَّكُمْ أَرْجَاسٌ، فَإِنْ تَذْهَبُوا نخل عنكم، وان تأتوا نُرِكُمْ مَصَارِعَكُمْ، قَالَ: فَحَمَدْتُ اللَّهَ، وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَخْطَأْتَ مِنْ صِفَتِنَا شَيْئًا، وَلا مِنْ نَعْتِنَا، إِنْ كُنَّا لأَبْعَدَ النَّاسِ دَارًا، وَأَشَدَّ النَّاسِ جُوعًا، وَأَشْقَى النَّاسِ شَقَاءً، وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، حَتَّى بَعَثَ الله عز وجل إلينا رسوله ص، فَوَعَدَنَا النَّصْرَ فِي الدُّنْيَا، وَالْجَنَّةَ فِي الآخِرَةِ، فو الله مَا زِلْنَا نَتَعَرَّفُ مِنْ رَبِّنَا مُنْذُ جَاءَنَا رَسُولُهُ الْفَتْحَ وَالنَّصْرَ، حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ، وَإِنَّا وَاللَّهِ لا نَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الشَّقَاءِ أَبَدًا حَتَّى نَغْلِبَكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ، أَوْ نُقْتَلَ بِأَرْضِكُمْ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ الأَعْوَرَ قَدْ صَدَقَكُمُ الَّذِي فِي نَفْسِهِ قَالَ: فَقُمْتُ وَقَدْ وَاللَّهِ أَرْعَبْتُ الْعلجَ جَهْدِي قَالَ: فَأَرْسَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>