للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابهم إلى ما طلبوا، فأجمعوا على القبول، وعزموا على إتيان حذيفة، فخدعهم دينار- وهو دون أولئك الملوك، وكان ملكا، إلا أن غيره منهم كان أرفع منه، وكان أشرفهم قارن- وقال: لا تلقوهم في جمالكم ولكن تقهلوا لهم، ففعلوا، وخالفهم فآتاهم في الديباج والحلي، وأعطاهم حاجتهم واحتمل للمسلمين ما أرادوا، فعاقدوه عليهم، ولم يجد الآخرون بدا من متابعته والدخول في أمره، فقيل ماه دينار لذلك فذهب حذيفة بماه دينار، وقد كان النعمان عاقد بهراذان على مثل ذلك، فنسبت إلى بهراذان، ووكل النسير بْن ثور بقلعة قد كان لجأ إليها قوم فجاهدهم، فافتتحها فنسبت إلى النسير، وقسم حذيفة لمن خلفوا بمرج القلعة ولمن أقام بغضي شجر ولأهل المسالح جميعا في فيء نهاوند مثل الذي قسم لأهل المعركة، لأنهم كانوا ردءا للمسلمين لئلا يؤتوا من وجه من الوجوه وتململ عمر تلك الليلة التي كان قدر للقائهم، وجعل يخرج ويلتمس الخبر، فبينا رجل من المسلمين قد خرج في بعض حوائجه، فرجع إلى المدينة ليلا، فمر به راكب في الليلة الثالثة من يوم نهاوند يريد المدينة فقال: يا عبد اللَّه، من أين أقبلت؟

قال: من نهاوند، قال: ما الخبر؟ قال: الخبر خير، فتح اللَّه على النعمان، واستشهد، واقتسم المسلمون فيء نهاوند، فأصاب الفارس ستة آلاف.

وطواه الراكب حتى انغمس في المدينة، فدخل الرجل، فبات فأصبح فتحدث بحديثه، ونمى الخبر حتى بلغ عمر، وهو فيما هو فيه، فأرسل إليه، فسأله فأخبره، فقال: صدق وصدقت، هذا عثيم بريد الجن، وقد رأى بريد الإنس، فقدم عليه طريف بالفتح بعد ذلك، فقال: الخبر! فقال: ما عندي أكثر من الفتح، خرجت والمسلمون في الطلب وهم على رجل، وكتمه إلا ما سره.

ثم خرج وخرج معه أصحابه، فأمعن، فرفع له راكب، فقال: قولوا، فقال عثمان بْن عفان: السائب، فقال: السائب، فلما دنا منه قال: ما وراءك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>