وجعل على المقاسم سلمان بْن ربيعة فقدم سراقة عبد الرحمن بْن ربيعة، وخرج في الأثر، حتى إذا خرج من أذربيجان نحو الباب، قدم على بكير في أداني الباب، فاستدف ببكير، ودخل بلاد الباب على ما عباه عمر.
وأمده عمر بحبيب بْن مسلمة، صرفه إليه من الجزيرة، وبعث زياد بْن حنظلة مكانه على الجزيرة ولما أطل عبد الرحمن بْن ربيعة على الملك بالباب- والملك بها يومئذ شهربراز، رجل من أهل فارس، وكان على ذلك الفرج، وكان أصله من أهل شهربراز الملك الذي أفسد بني إسرائيل، وأعرى الشام منهم- فكاتبه شهربراز، واستأمنه على أن يأتيه، ففعل فأتاه، فقال:
إني بإزاء عدو كلب وأمم مختلفة، لا ينسبون إلى أحساب، وليس ينبغي لذي الحسب والعقل أن يعين أمثال هؤلاء، ولا يستعين بهم على ذوي الأحساب والأصول، وذو الحسب قريب ذي الحسب حيث كان، ولست من القبج في شيء، ولا من الأرمن، وإنكم قد غلبتم على بلادي وأمتي، فأنا اليوم منكم ويدي مع أيديكم، وصغوي معكم، وبارك اللَّه لنا ولكم، وجزيتنا إليكم النصر لكم، والقيام بما تحبون، فلا تذلونا بالجزية فتوهنونا لعدوكم.
فقال عبد الرحمن: فوقي رجل قد أظلك فسر إليه، فجوزه، فسار إلى سراقة فلقيه بمثل ذلك، فقال سراقة: قد قبلت ذلك فيمن كان معك على هذا ما دام عليه، ولا بد من الجزاء ممن يقيم ولا ينهض فقبل ذلك، وصار سنة فيمن كان يحارب العدو من المشركين، وفيمن لم يكن عنده الجزاء، إلا أن يستنفروا فتوضع عنهم جزاء تلك السنة وكتب سراقة إلى عمر بْن الخطاب بذلك، فأجازه وحسنه، وليس لتلك البلاد التي في ساحة تلك الجبال نبك لم يقم الأرمن بها إلا على أوفاز، وإنما هم سكان ممن حولها ومن الطراء استأصلت الغارات نبكها من أهل القرار، وأرز أهل الجبال منهم إلى جبالهم، وجلوا عن قرار أرضهم، فكان لا يقيم بها إلا الجنود ومن أعانهم أو تجر إليهم، واكتتبوا من سراقة بْن عمرو كتابا:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم هذا ما أعطى سراقة بْن عمرو عامل أمير المؤمنين