للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان تعشوا أبصار الناس، فأمرت مناديا، فنادى أن من كان عليه عمامة فليلفها على عينيه، ومن لم يكن عليه عمامة فليغمض بصره، وناديت أن حطوا عن دوابكم فلما رأى شهرك ذلك حط أيضا ثم ناديت: أن اركبوا، فصففنا لهم وركبوا، فجعلت الجارود العبدي على الميمنة وأبا صفرة على الميسرة- يعني أبا المهلب- فحملوا على المسلمين فهزموهم، حتى ما أسمع لهم صوتا، فقال لي الجارود: أيها الأمير، ذهب الجند، فقلت: إنك سترى أمرك، فما لبثنا أن رجعت خيلهم، ليس عليها فرسانها، والمسلمون يتبعونهم يقتلونهم، فنثرت الرءوس بين يدي، ومعي بعض ملوكهم- يقال له المكعبر، فارق كسرى ولحق بي- فأتيت برأس ضخم، فقال المكعبر: هذا رأس الأزدهاق- يعني شهرك- فحوصروا في مدينة سابور، فصالحهم- وملكهم أذربيان- فاستعان الحكم بأذربيان على قتال أهل إصطخر، ومات عمر رضي اللَّه عنه، فبعث عثمان عبيد اللَّه بْن معمر مكانه، فبلغ عبيد اللَّه أن أذربيان يريد أن يغدر بهم، فقال له: إني أحب أن تتخذ لأصحابي طعاما، وتذبح لهم بقرة، وتجعل عظامها في الجفنة التي تليني، فإني أحب أن أتمشش العظام ففعل، فجعل يأخذ العظم الذي لا يكسر الا بالفئوس، فكسره بيده، فيتمخخه- وكان من أشد الناس- فقام الملك، فأخذ برجله، وقال: هذا مقام العائذ فأعطاه عهدا، فاصابت عبيد الله منجنيفه، فأوصاهم، فقال: إنكم ستفتحون هذه المدينة إن شاء اللَّه فاقتلوهم بي فيها ساعة ففعلوا فقتلوا منهم بشرا كثيرا.

وكان عثمان بْن أبي العاص لحق الحكم، وقد هزم شهرك، فكتب إلى عمر:

أن بيني وبين الكوفة فرجة أخاف أن يأتيني العدو منها وكتب صاحب الكوفة بمثل ذلك: إن بيني وبين كذا فرجة فاتفق عنده الكتابان، فبعث أبا موسى في سبعمائة، فانزلهم البصره

<<  <  ج: ص:  >  >>