قد انتهى إليه أوائلهم، وعسكروا به ليلحق أخراهم، فهزم اللَّه راسل وسلبه، وأباح المسلمين عسكره، وقتلوا في المعركة مقتلة عظيمة، وأتبعوهم يقتلونهم أياما، حتى انتهوا إلى النهر ثم رجعوا فأقاموا بمكران.
وكتب الحكم إلى عمر بالفتح، وبعث بالأخماس مع صحار العبدي، واستأمره في الفيلة، فقدم صحار على عمر بالخبر والمغانم، فسأله عمر عن مكران- وكان لا يأتيه أحد إلا سأله عن الوجه الذي يجيء منه- فقال: يا أمير المؤمنين، أرض سهلها جبل، وماؤها وشل، وتمرها دقل، وعدوها بطل، وخيرها قليل، وشرها طويل، والكثير بها قليل، والقليل بها ضائع، وما وراءها شر منها فقال: أسجاع أنت أم مخبر؟
قال: لا بل مخبر، قال: لا، والله لا يغزوها جيش لي ما أطعت، وكتب إلى الحكم بْن عمرو وإلى سهيل ألا يجوزن مكران أحد من جنودكما، واقتصرا على ما دون النهر، وأمره ببيع الفيلة بأرض الإسلام، وقسم أثمانها على من أفاءها اللَّه عليه.