وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ- يَعُسُّ بِنَفْسِهِ، وَيَرْتَادُ مَنَازِلَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَفَقَّدُ أَحْوَالَهُمْ بِيَدَيْهِ.
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْوَارِدِ عَنْهُ بِذَلِكَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَضَرَبَهُ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فَفَتَحَتْهُ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: لا تَدْخُلْ حَتَّى أَدْخُلَ الْبَيْتَ وَأَجْلِسَ مَجْلِسِي، فَلَمْ يَدْخُلْ حَتَّى جَلَسَتْ، ثُمَّ قَالَتِ:
ادْخُلْ، فَدَخَلَ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَأَتَتْهُ بِطَعَامٍ فَأَكَلَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ: تَجَوَّزْ أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَسَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ حِينَئِذٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: رُفْقَةٌ نَزَلَتْ فِي نَاحِيَةِ السُّوقِ خَشِيتُ عَلَيْهِمْ سُرَّاقَ الْمَدِينَةِ، فَانْطَلِقْ فَلْنَحْرُسْهُمْ، فَانْطَلَقَا فَأَتَيَا السُّوقَ، فَقَعَدَا عَلَى نَشَزٍ مِنَ الأَرْضِ يَتَحَدَّثَانِ، فَرُفِعَ لَهُمَا مِصْبَاحٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ أَنْهَ عَنِ الْمَصَابِيحِ بَعْدَ النَّوْمِ! فَانْطَلَقَا، فَإِذَا هُمْ قَوْمٌ عَلَى شَرَابٍ لَهُمْ، فَقَالَ: انْطَلِقْ فَقَدْ عَرَفْتُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ:
يَا فُلانُ، كُنْتَ وَأَصْحَابُكَ الْبَارِحَةَ عَلَى شَرَابٍ؟ قَالَ: وَمَا عِلْمُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ: شيء شهدته، فقال: او لم يَنْهَكَ اللَّهُ عَنِ التَّجَسُّسِ! قَالَ:
فَتَجَاوَزَ عَنْهُ.
قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ: وَإِنَّمَا نَهَى عُمَرُ عَنِ الْمَصَابِيحِ، لأَنَّ الْفَأْرَةَ تَأْخُذُ الْفَتِيلَةَ فَتَرْمِي بِهَا فِي سَقْفِ الْبَيْتِ فَيَحْتَرِقُ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ سَقْفُ الْبَيْتِ مِنَ الْجَرِيدِ.
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى حَرَّةِ وَاقِمٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِصِرَارٍ، إِذَا نَارٌ تُؤَرَّثُ، فَقَالَ: يَا أَسْلَمُ، إِنِّي أَرَى هَؤُلاءِ رُكْبًا قَصُرَ بِهِمُ اللَّيْلُ وَالْبَرْدُ، انْطَلِقْ بِنَا، فَخَرَجْنَا نُهَرْوِلُ حَتَّى دَنَوْنَا مِنْهُمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مَعَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute