الْحُلَّةَ الَّتِي كَسَاهُ عُمَرُ، وَرَمَى بِمَا كَانَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا بُنَيَّ، خُذْ ثِيَابَكَ هَذِهِ فَتَكُونَ لِمِهْنَةِ أَهْلِكَ، وَهَذِهِ لِزِينَتِكَ.
حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ حَدَّثَنَا: أَبُو الْوَلِيدِ الْمَكِّيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَإِنَّا لَنَسِيرُ لَيْلَةً، وَقَدْ دَنَوْتُ مِنْهُ، إِذْ ضَرَبَ مُقَدِّمَ رَحْلِهِ بِسَوْطِهِ، وَقَالَ:
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ يُقْتَلُ أَحْمَدُ ... وَلَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضِلُ
وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلائِلِ
ثُمَّ قَالَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، ثُمَّ سَارَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ قَلِيلا، ثُمَّ قَالَ:
وَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا ... أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ
وَأَكْسَى لِبُرْدِ الْخَالِ قَبْلَ ابْتِذَالِهِ ... وَأَعْطَى لِرَأْسِ السَّابِقِ المتجرد
ثم قال: استغفر الله، يا بن عَبَّاسٍ، مَا مَنَعَ عَلِيًّا مِنَ الْخُرُوجِ مَعَنَا؟
قلت: لا ادرى، قال: يا بن عباس، ابوك عم رسول الله ص، وَأَنْتَ ابْنُ عَمِّهِ، فَمَا مَنَعَ قَوْمَكُمْ مِنْكُمْ؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي، قَالَ: لَكِنِّي أَدْرِي، يَكْرَهُونَ ولايتكم لَهُمْ! قُلْتُ: لِمَ، وَنَحْنُ لَهُمْ كَالْخَيْرِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ غُفْرًا، يَكْرَهُونَ أَنْ تَجْتَمِعَ فِيكُمُ النُّبُوَّةُ وَالْخِلافَةُ، فَيَكُونُ بَجَحًا بَجَحًا، لَعَلَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أبا بكر فعل ذَلِكَ، لا وَاللَّهِ وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَى أَحْزَمَ مَا حَضَرَهُ، وَلَوْ جَعَلَهَا لَكُمْ مَا نَفَعَكُمْ مَعَ قُرْبِكُمْ، أَنْشِدْنِي لِشَاعِرِ الشُّعَرَاءِ زُهَيْرٍ قَوْلَهُ:
إِذَا ابْتَدَرَتْ قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ غَايَةً ... مِنَ الْمَجْدِ مَنْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا يُسَوَّدِ
فَأَنْشَدْتُهُ وَطَلَعَ الْفَجْرُ، فَقَالَ: اقْرَأ الْوَاقِعَةَ، فَقَرَأْتُهَا، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، وَقَرَأَ بِالْوَاقِعَةِ.
حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ