قَالَ: قَرَنَ بِي عُثْمَانَ، وَقَالَ: كُونُوا مَعَ الأَكْثَرِ، فَإِنْ رَضِيَ رَجُلانِ رَجُلا، وَرَجُلانِ رَجُلا فَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَسَعْدٌ لا يُخَالِفُ ابْنَ عَمِّهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ صِهْرُ عُثْمَانَ، لا يَخْتَلِفُونَ، فَيُوَلِّيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُثْمَانَ، أَوْ يُوَلِّيهَا عُثْمَانُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَلَوْ كَانَ الآخَرَانِ مَعِي لَمْ ينفعانى، بله إِنِّي لا أَرْجُو إِلا أَحَدَهُمَا فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: لَمْ أَرْفَعْكَ فِي شَيْءٍ إِلا رَجَعْتَ إِلَيَّ مُسْتَأْخِرًا بِمَا أَكْرَهُ، أَشَرْتُ عَلَيْكَ عِنْدَ وفاه رسول الله ص أَنْ تَسْأَلَهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، فَأَبَيْتَ، وَأَشَرْتُ عَلَيْكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَنْ تُعَاجِلَ الأَمْرَ فَأَبَيْتَ، وَأَشَرْتُ عَلَيْكَ حِينَ سَمَّاكَ عُمَرُ فِي الشُّورَى أَلا تَدْخُلَ مَعَهُمْ فَأَبَيْتَ، احْفَظْ عَنِّي وَاحِدَةً، كُلَّمَا عَرَضَ عَلَيْكَ الْقَوْمُ، فَقُلْ: لا، إِلا أَنْ يُوَلُّوكَ، وَاحْذَرْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ، فَإِنَّهُمْ لا يَبْرَحُونَ يَدْفَعُونَنَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ حَتَّى يَقُومَ لَنَا بِهِ غَيْرُنَا، وَايْمُ اللَّهِ لا يَنَالُهُ إِلا بِشَرٍّ لا يَنْفَعُ مَعَهُ خَيْرٌ [فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا لَئِنْ بَقِيَ عُثْمَانُ لأُذَكِّرَنَّهُ مَا أَتَى وَلَئِنْ مَاتَ لَيَتَدَاوَلُنَّهَا بَيْنَهُمْ، وَلَئِنْ فَعَلُوا لَيَجِدُنِّي حَيْثُ يَكْرَهُونَ،] ثُمَّ تَمَثَّلَ:
حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ عَشِيَّةً ... غَدَوْنَ خِفَافًا فَابْتَدَرْنَ الْمُحَصَّبَا
لِيَخْتَلِيَنَّ رَهَطُ ابْنِ يَعْمُرَ مَارِئَا ... نَجِيعًا بَنُو الشَّدَّاخِ وِرْدًا مُصَلَّبَا
وَالْتَفَتَ فَرَأَى أَبَا طَلْحَةَ فَكَرِهَ مَكَانَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لم ترع أَبَا الْحَسَنِ فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ وَأُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ، تَصَدَّى عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ: أَيُّهُمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرحمن: كلا كما يُحِبُّ الإِمْرَةَ، لَسْتُمَا مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ، هَذَا إِلَى صُهَيْبٍ، اسْتَخْلَفَهُ عُمَرُ، يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثَلاثًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ جَمَعَ الْمِقْدَادُ أَهْلَ الشُّورَى فِي بَيْتِ الْمُسَوَّرِ بْنِ مَخْرَمَةَ- وَيُقَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَيُقَالُ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ بِإِذْنِهَا- وَهُمْ خَمْسَةٌ، مَعَهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَطَلْحَةُ غَائِبٌ، وَأَمَرُوا أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَحْجِبَهُمْ، وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَجَلَسَا بِالْبَابِ، فَحَصَبَهُمَا سَعْدٌ وَأَقَامَهُمَا، وَقَالَ: تُرِيدَانِ أَنْ تَقُولا: حَضَرْنَا وَكُنَّا فِي أَهْلِ الشُّورَى! فَتَنَافَسَ الْقَومُ فِي الأَمْرِ، وَكَثُرَ بَيْنَهُمُ الْكَلامُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا كُنْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute