وَبَعَثَ عَلَى كَرْمَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غُبَيْسٍ، وَبَعَثَ إِلَى فَارِسٍ وَالأَهْوَازِ نَفَرًا، وَضَمَّ سَوَادَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْحُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ، ثُمَّ عَزَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ فَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا سَنَةً ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو، وَعَزَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غُبَيْسٍ، وَأَعَادَ عَدِيَّ بْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَدِيٍّ.
وَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَفَرَ أَهْلُ إِيذَجَ وَالأَكْرَادِ، فَنَادَى أَبُو مُوسَى فِي النَّاسِ، وَحَضَّهُمْ وَنَدَبَهُمْ، وَذَكَرَ مِنْ فَضْلِ الْجِهَادِ فِي الرَّجْلَةِ، حَتَّى حَمَلَ نَفَرٌ عَلَى دَوَابِّهِمْ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا رِجَالا وَقَالَ آخَرُونَ: لا وَاللَّهِ لا نَعْجَلُ بِشَيْءٍ حَتَّى نَنْظُرَ مَا صَنِيعُهُ؟ فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَعَلْنَا كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُنَا.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ خَرَجَ أَخْرَجَ ثِقَلَهُ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلا، فَتَعَلَّقُوا بِعِنَانِهِ، وَقَالُوا: احْمِلْنَا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْفُضُولِ، وَارْغَبْ مِنَ الرَّجْلَةِ فِيمَا رَغَّبْتَنَا فِيهِ، فَقَنَعَ الْقَوْمَ حَتَّى تَرَكُوا دَابَّتَهُ وَمَضَى، فَأَتَوْا عُثْمَانَ، فَاسْتَعْفُوهُ مِنْهُ، وَقَالُوا: مَا كُلُّ مَا نَعْلَمُ نُحِبُّ أَنْ نَقُولَهُ، فَأَبْدِلْنَا بِهِ، فَقَالَ: مَنْ تُحِبُّونَ؟ فَقَالَ غَيْلانُ بْنُ خَرَشَةَ: فِي كُلِّ أَحَدٍ عِوَضٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ أَكَلَ أَرْضَنَا، وَأَحْيَا أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ فِينَا، فَلا نَنْفَكُّ مِنْ أَشْعَرِيٍّ كَانَ يُعَظِّمَ مُلْكَهُ عَنِ الأَشْعَرِينَ، وَيَسْتَصْغِرُ مَلِكَ الْبَصْرَةِ، وَإِذَا أَمَّرْتَ عَلَيْنَا صَغِيرًا كَانَ فِيهِ عِوَضٌ مِنْهُ، أَوْ مُهْتَرًّا كَانَ فِيهِ عِوَضٌ مِنْهُ، وَمَنْ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ خَيْرٌ مِنْهُ.
فَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَصَرَفَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْمَرٍ إِلَى فَارِسٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى عَمَلِهِ عُمَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ أَمِينَ بْنَ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ عِمْرَانَ بْنَ الْفَصِيلِ الْبُرْجُمُيَّ، وَعَلَى كَرْمَانَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو، فَمَاتَ بِهَا.
فَجَاشَتْ فَارِسٌ، وَانْتَقَضَتْ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، فَاجْتَمَعُوا لَهُ بِإِصْطَخَرَ، فَالْتَقَوْا عَلَى بَابِ إِصْطَخَرَ، فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَهُزِمَ جُنْدُهُ، وَبَلَغَ الخبر عبد الله ابن عَامِرٍ، فَاسْتَنْفَرَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، وَخَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ، وعلى مقدمته عثمان ابن أَبِي الْعَاصِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَهُمْ بِإِصْطَخَرَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَزَالُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute