قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بِالنَّاسِ بمنى أَرْبَعًا، فَأَتَى آتٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي أَخِيكَ؟ قَدْ صَلَّى بِالنَّاسِ أَرْبَعًا! فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ تُصَلِّ فِي هَذَا الْمَكَانِ مَعَ رسول الله ص رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ:
بَلَى، قَالَ: أَفَلَمْ تُصَلِّ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَفَلَمْ تُصَلِّ مَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَمْ تُصَلِّ صَدْرًا مِنْ خِلافَتِكَ رَكْعَتَيْنِ؟
قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَاسْمَعْ مِنِّي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ حَجَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَجُفَاةِ النَّاسِ قَدْ قَالُوا فِي عَامِنَا الْمَاضِي: إِنَّ الصَّلاةَ لِلْمُقِيمِ رَكْعَتَانِ، هَذَا إِمَامُكُمْ عُثْمَانُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَدِ اتَّخَذْتُ بِمَكَّةَ أَهْلا، فَرَأَيْتُ أَنْ أُصَلِّيَ أَرْبَعًا لِخَوْفِ مَا أَخَافُ عَلَى النَّاسِ، وَأُخْرَى قَدِ اتَّخَذْتُ بِهَا زَوْجَةً، وَلِي بِالطَّائِفِ مَالٌ، فَرُبَّمَا أَطْلَعْتُهُ فَأَقَمْتُ فيه بعد الصدر فقال عبد الرحمن ابن عَوْفٍ: مَا مِنْ هَذَا شَيْءٌ لَكَ فِيهِ عُذْرٌ، أَمَّا قَوْلُكَ: اتَّخَذْتَ أَهْلا، فَزَوْجَتُكَ بِالْمَدِينَةِ تَخْرُجُ بِهَا إِذَا شِئْتَ وَتَقْدَمُ بِهَا إِذَا شِئْتَ، إِنَّمَا تَسْكُنُ بِسُكْنَاكَ وَأَمَّا قَوْلُكَ: وَلِي مَالٌ بِالطَّائِفِ، فَإِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الطَّائِفِ مَسِيرَةَ ثَلاثِ لَيَالٍ وَأَنْتَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَأَمَّا قَوْلُكَ: يَرْجِعُ مَنْ حَجَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرُهُمْ فَيَقُولُونَ: هَذَا إِمَامُكُمْ عُثْمَانُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُقِيمٌ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ الإِسْلامُ فِيهِمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ عُمَرُ، فَضَرَبَ الإِسْلامُ بِجِرَانِهِ، فَصَلَّى بِهِمْ عُمَرُ حَتَّى مَاتَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَذَا رَأْيٌ رَأَيْتُهُ.
قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقِيَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَبَا مُحَمَّدٍ، غَيَّرَ مَا يَعْلَمُ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَ: اعْمَلْ أَنْتَ بِمَا تَعْلَمُ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْخِلافُ شَرٌّ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَصَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا، فَصَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَمَّا الآنَ فَسَوْفَ يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ- يعنى نصلى معه أربعا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute