لَهُ مذ قتل أبناءهم، ويضعون لَهُ العيون، فَقَالَ لَهُمْ: هل لكم فِي الْوَلِيدِ يشارب أبا زبيد؟ فثاروا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو زينب وأبو مورع وجندب لأناس من وجوه أهل الْكُوفَة: هَذَا أميركم وأبو زبيد خيرته، وهما عاكفان عَلَى الخمر، فقاموا معهم- ومنزل الْوَلِيد فِي الرحبة مع عمارة بن عُقْبَةَ، وليس عَلَيْهِ باب- فاقتحموا عَلَيْهِ من المسجد وبابه إِلَى الْمَسْجِدِ، فلم يفجأ الْوَلِيد إلا بهم، فنحى شَيْئًا، فأدخله تحت السرير، فأدخل بعضهم يده فأخرجه لا يؤامره، فإذا طبق عَلَيْهِ تفاريق عنب- وإنما نحاه استحياء أن يروا طبقه ليس عَلَيْهِ إلا تفاريق عنب- فقاموا فخرجوا عَلَى الناس، فأقبل بعضهم عَلَى بعض يتلاومون، وسمع الناس بِذَلِكَ، فأقبل الناس عَلَيْهِم يسبونهم ويلعنونهم، ويقولون: أقوام غضب اللَّه لعمله، وبعضهم أرغمه الكتاب، فدعاهم ذَلِكَ إِلَى التحسس والبحث، فستر عَلَيْهِم الْوَلِيد ذَلِكَ، وطواه عن عُثْمَان، ولم يدخل بين الناس فِي ذَلِكَ بشيء، وكره أن يفسد بينهم، فسكت عن ذَلِكَ وصبر.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن الفيض بن مُحَمَّدٍ، قَالَ: رأيت الشَّعْبِيّ جلس إِلَى مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْوَلِيد- يعني ابن عقبة- وَهُوَ خليفة مُحَمَّد بن عَبْد الْمَلِكِ، فذكر مُحَمَّد غزو مسلمة، فَقَالَ: كيف لو أدركتم الْوَلِيد، غزوه وإمارته! إن كَانَ ليغزو فينتهي إِلَى كذا وكذا، مَا قصر وَلا انتقض عَلَيْهِ أحد حَتَّى عزل عن عمله، وعلى الباب يَوْمَئِذٍ عبد الرَّحْمَن بن رَبِيعَة الباهلي، وإن كَانَ مما زاد عُثْمَان بن عَفَّانَ الناس عَلَى يده أن رد عَلَى كل مملوك بالكوفة من فضول الأموال ثلاثة فِي كل شهر، يتسعون بِهَا مِنْ غَيْرِ أن ينقص مواليهم من أرزاقهم.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن الغصن بن الْقَاسِم، عن عون بن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ جندب ورهط مَعَهُ إِلَى ابن مسعود، فَقَالُوا: