للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُثْمَانَ لا يَنْزِعُ لَهُ، وَأَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ أَهْلَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ وَمَعَهُمْ جِرَابٌ يُثَقِّلُ يَدَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي يَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا مَا عِنْدَهُ! فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا فِيهِ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، ولكنها فلوس كان إذا خرج عطاؤه ابْتَاعَ مِنْهُ فُلُوسًا لِحَوَائِجِنَا.

وَلَمَّا نَزَلَ أَبُو ذَرٍّ الرَّبَذَةَ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، وَعَلَيْهَا رَجُلٌ يَلِي الصَّدَقَةَ، فَقَالَ:

تَقَدَّمْ يَا أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: لا، تقدم أنت، [فان رسول الله ص قَالَ لِي: اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ،] فَأَنْتَ عَبْدٌ وَلَسْتَ بِأَجْدَعَ- وَكَانَ مِنْ رَقِيقِ الصَّدَقَةِ، وَكَانَ أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مُجَاشِعٌ.

وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن مبشر بن الفضيل، عن جابر، قَالَ: أجرى عُثْمَان عَلَى أبي ذر كل يوم عظما، وعلى رافع ابن خديج مثله، وكانا قَدْ تنحيا عن الْمَدِينَةِ لشيء سمعاه لم يفسر لهما، وأبصرا وَقَدْ اخطئا.

وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن سوقة، عن عاصم بن كُلَيْبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مُعْتَمِرِينَ، فَأَتَيْنَا الرَّبَذَةَ، فَطَلَبْنَا أَبَا ذَرٍّ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ نَجِدْهُ، وَقَالُوا: ذَهَبَ إِلَى الْمَاءِ.

فَتَنَحَّيْنَا، وَنَزَلْنَا قَرِيبًا مِنْ مَنْزِلِهِ، فَمَرَّ وَمَعَهُ عَظْمُ جَزُورٍ يَحْمِلُهُ مَعَهُ غُلامٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلا قَلِيلا حَتَّى جَاءَ، فَجَلَسَ إِلَيْنَا وَقَالَ: [إِنَّ رسول الله ص قَالَ لِي: اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ حَبَشِيٌّ مُجْدَعٌ،] فَنَزَلْتُ هَذَا الْمَاءَ وَعَلَيْهِ رَقِيقٌ مِنْ رَقِيقِ مَالِ اللَّهِ، وَعَلَيْهِمْ حَبَشِيٌّ- وَلَيْسَ بِأَجْدَعَ، وَهُوَ مَا عَلِمْتُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ- وَلَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَزُورٌ، وَلِي مِنْهَا عَظْمٌ آكُلُهُ أَنَا وَعِيَالِي قُلْتُ: مَا لَكَ مِنَ الْمَالِ؟

قَالَ: صِرْمَةٌ مِنَ الْغَنَمِ وَقَطِيعٌ مِنَ الإِبِلِ، فِي أَحَدِهِمَا غُلامِي وَفِي الآخَرِ أَمَتِي، وَغُلامِي حُرٌّ إِلَى رَأْسِ السَّنَةِ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ أَصْحَابَكَ قَبْلَنَا أَكْثَرُ النَّاسِ مَالا، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِي مَالِ اللَّهِ حَقٌّ إِلا وَلِي مِثْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>