فقد بين هذان الخبران اللذان رويناهما عن رسول الله ص أن الشمس والقمر خلقا بعد خلق الله أشياء كثيرة من خلقه، وذلك أن حديث ابن عباس عن رسول الله ص ورد بأن الله خلق الشمس والقمر يوم الجمعة فإن كان ذلك كذلك، فقد كانت الأرض والسماء وما فيهما- سوى الملائكة وآدم- مخلوقة قبل خلق الله الشمس والقمر، وكان ذلك كله ولا ليل ولا نهار، إذ كان الليل والنهار إنما هو اسم لساعات معلومة من قطع الشمس والقمر درج الفلك.
وإذا كان صحيحا أن الأرض والسماء وما فيهما، سوى ما ذكرنا، قد كانت ولا شمس ولا قمر- كان معلوما أن ذلك كله كان ولا ليل ولا نهار.
وكذلك حديث ابى هريرة عن [رسول الله ص، لأنه أخبر عنه أنه قال: خلق الله النور يوم الأربعاء،] يعني بالنور الشمس إن شاء الله.
فإن قال لنا قائل: قد زعمت أن اليوم إنما هو اسم لميقات ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ثم زعمت الآن أن الله خلق الشمس والقمر بعد أيام من أول ابتدائه خلق الأشياء التي خلقها، فأثبت مواقيت، وسميتها بالأيام، ولا شمس ولا قمر، وهذا إن لم تأت ببرهان على صحته، فهو كلام ينقض بعضه بعضا!