للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا اسْتَقَامَتِ الأُمُورُ لأَهْلِ الإِسْلامِ يَوْمًا وَلا لَيْلَةً، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقْضِيهَا وَيُدَبِّرُهَا، وَهُوَ بَالِغُ امره، فعاودوا الخبر وَقُولُوهُ.

فَقَالُوا: لَسْتَ لِذَلِكَ أَهْلا، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ لَسَطَوَاتٍ وَنَقَمَاتٍ، وَإِنِّي لَخَائِفٌ عليكم ان تتايعوا فِي مُطَاوَعَةِ الشَّيْطَانِ حَتَّى تُحِلَّكُمْ مُطَاوَعَةُ الشَّيْطَانِ وَمَعْصِيَةُ الرَّحْمَنِ دَارَ الْهَوَانِ مِنْ نَقَمِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ الأَمْرِ، وَالْخِزْيِ الدَّائِمِ فِي الآجِلِ.

فَوَثَبُوا عَلَيْهِ، فَأَخَذُوا بِرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: مَهْ، إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِأَرْضِ الْكُوفَةِ، وَاللَّهِ لَوْ رَأَى أَهْلُ الشَّامِ مَا صَنَعْتُمْ بِي وَأَنَا إِمَامُهُمْ مَا مَلَكْتُ أَنْ أَنْهَاهُمْ عَنْكُمْ حَتَّى يَقْتُلُوكُمْ فَلَعَمْرِي إِنَّ صَنِيعَكُمْ لَيُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، ثُمَّ أَقَامَ مِنْ عِنْدِهِمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مُدْخَلا مَا بَقِيتُ.

ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِعَبْدِ اللَّهِ عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّكَ بَعَثْتَ إِلَيَّ أَقْوَامًا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةِ الشَّيَاطِينِ وَمَا يُمْلُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَأْتُونَ النَّاسَ- زَعَمُوا- مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ، فَيُشَبِّهُونَ عَلَى النَّاسِ، وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُ مَا يُرِيدُونَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ فُرْقَةً، وَيُقَرِّبُونَ فِتْنَةً، قَدْ أَثْقَلَهُمُ الإِسْلامُ وَأَضْجَرَهُمْ، وَتَمَكَّنَتْ رُقَى الشَّيْطَانِ مِنْ قُلُوبِهِمْ، فَقَدْ أَفْسَدُوا كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ كَانُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَسْتُ آمَنُ إِنْ أَقَامُوا وَسْطَ أَهْلِ الشَّامِ أَنْ يُغْرُوهُمْ بِسِحْرِهِمْ وَفُجُورِهِمْ، فَارْدُدْهُمْ إِلَى مِصْرِهِمْ، فَلْتَكُنْ دَارُهُمْ فِي مِصْرِهِمُ الَّذِي نَجَمَ فِيهِ نِفَاقُهُمْ، وَالسَّلامُ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ يَأْمُرُهُ أَنْ يَرُدَّهُمْ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْكُوفَةِ، فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَكُونُوا إِلا أَطْلَقَ أَلْسِنَةً مِنْهُمْ حِينَ رَجَعُوا.

وَكَتَبَ سَعِيدٌ إِلَى عُثْمَانَ يَضِجُّ مِنْهُمْ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى سَعِيدٍ أَنْ سَيِّرْهُمْ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى حِمْصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>