للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يَجْتَمِعُ لَهُمْ أَمْرٌ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ هَذَا الرَّأْيُ لَوْلا مَا فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: مَا رَأْيُكَ؟ قَالَ: أَرَى لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَرُدَّ عُمَّالَكَ عَلَى الْكِفَايَةِ لِمَا قِبَلَهُمْ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ قِبَلِي.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: مَا رَأْيُكَ؟ قَالَ: أَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّاسَ أَهْلُ طَمَعٍ، فَأَعْطِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ تَعْطِفْ عَلَيْكَ قُلُوبُهُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ: مَا رَأْيُكَ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ النَّاسَ بِمَا يَكْرَهُونَ، فَاعْتَزِمْ أَنْ تَعْتِدَلَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَاعْتَزِمْ أَنْ تَعْتَزِلَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَاعْتَزِمْ عَزْمًا، وَامْضِ قُدُمًا، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا لَكَ قَمِلَ فَرْوُكَ؟ أَهَذَا الْجَدُّ مِنْكَ! فَأُسْكِتَ عَنْهُ دَهْرًا، حَتَّى إِذَا تَفَرَّقَ الْقُومُ قَالَ عَمْرٌو: لا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ أَنْ سَيَبْلُغَ النَّاسَ قَوْلُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا، فَأَرَدْتُ أَنْ يَبْلُغَهُمْ قَوْلِي فَيَثِقُوا بِي، فَأَقُودُ إِلَيْكَ خَيْرًا، أَوْ أَدْفَعُ عَنْكَ شَرًّا حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، قَالَ: حدثنا عمرو بن حماد وعلي بن حسين، قَالا: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بن ابى المقدام، عن عبد الملك ابن عُمَيْرٍ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: جَمَعَ عُثْمَانُ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ: مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَنَمَّرُوا لِي، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَأْمُرَ أُمَرَاءَ أَجْنَادِكَ فَيَكْفِيكَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا قِبَلَهُ، وَأَكْفِيكَ أَنَا أَهْلَ الشَّامِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ:

أَرَى لَكَ أَنْ تَجْمُرَهُمْ فِي هَذِهِ الْبُعُوثِ حَتَّى يَهِمَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ دُبُرَ دَابَّتِهِ، وَتَشْغَلُهُمْ عَنِ الإِرْجَافِ بِكَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ: أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَنْظُرَ مَا أَسْخَطَهُمْ فَتُرْضِيهِمْ، ثُمَّ تُخْرِجُ لَهُمْ هَذَا الْمَالَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ.

ثُمَّ قَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ، إِنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ النَّاسَ بِمِثْلِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقُلْتَ وَقَالُوا، وَزِغْتَ وَزَاغُوا، فَاعْتَدِلْ أَوِ اعْتَزِلْ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَاعْتَزِمْ عَزْمًا، وَامْضِ قدما، فقال له عثمان: مالك قَمِلَ فَرْوُكَ! أَهَذَا الْجَدُّ مِنْكَ! فَأُسْكِتَ عَمْرٌو حَتَّى إِذَا تَفَرَّقُوا قَالَ: لا وَاللَّهِ يَا امير المؤمنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>