فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْتُ، لَيَقُولُنَّ الَّذِي قُلْتَ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ مَكَانِي مَا عَنَّفْتُكَ، وَلا أَسْلَمْتُكَ، وَلا عِبْتُ عَلَيْكَ، وَلا جِئْتُ مُنْكَرًا إِنْ وَصَلْتَ رَحِمًا، وَسَدَدْتَ خُلَّةً، وَآوَيْتَ ضَائِعًا، وَوَلَّيْتَ شَبِيهًا بِمَنْ كَانَ عُمَرُ يُوَلِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ لَيْسَ هُنَاكَ! قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ وَلاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ تَلُومُنِي أَنْ وَلَّيْتُ ابْنَ عَامِرٍ فِي رَحِمِهِ وَقَرَابَتِهِ؟ [قَالَ عَلِيٌّ: سَأُخْبِرُكَ، ان عمر ابن الْخَطَّابِ كَانَ كُلُّ مَنْ وَلَّى فَإِنَّمَا يَطَأُ عَلَى صِمَاخِهِ، إِنْ بَلَغَهُ عَنْهُ حَرْفٌ جَلَبَهُ ثُمَّ بَلَغَ بِهِ أَقْصَى الْغَايَةِ، وَأَنْتَ لا تَفْعَلُ، ضَعُفْتَ وَرَفَقْتَ عَلَى أَقْرِبَائِكَ] .
قَالَ عُثْمَانُ: هُمْ أَقْرِبَاؤُكَ أَيْضًا [فَقَالَ عَلِيٌّ: لَعَمْرِي إِنَّ رَحِمَهُمْ مِنِّي لَقَرِيبَةٌ، وَلَكِنِ الْفَضْلَ فِي غَيْرِهِمْ،] قَالَ عُثْمَانُ: هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ عُمَرَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ خِلافَتَهُ كُلَّهَا؟ فَقَدْ وَلَّيْتُهُ [فَقَالَ عَلِيٌّ: أُنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ أَخْوَفَ مِنْ عُمَرَ مِنْ يَرْفَأَ غُلامِ عُمَرَ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ يَقْتَطِعُ الأُمُورَ دُونَكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُهَا، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ:
هَذَا أَمْرُ عُثْمَانَ، فَيَبْلُغُكَ وَلا تُغَيِّرُ عَلَى مُعَاوِيَةَ] ثُمَّ خَرَجَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَخَرَجَ عُثْمَانُ عَلَى أَثَرِهِ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَّةٍ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ عَاهَةً، وَإِنَّ آفَّةَ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَعَاهَةَ هَذِهِ النِّعْمَةِ، عَيَّابُونَ طَعَّانُونَ، يَرُونَكُمْ مَا تُحِبُّونَ وَيُسِرُّونَ مَا تَكْرَهُونَ، يَقُولُونَ لَكُمْ وَتَقُولُونَ، أَمْثَالُ النَّعَامِ يَتْبَعُونَ أَوَّلَ نَاعِقٍ، أَحَبُّ مَوَارِدِهَا إِلَيْهَا الْبَعِيدُ، لا يَشْرَبُونَ إِلا نَغَصًا وَلا يَرِدُونَ إِلا عَكِرًا، لا يَقُومُ لَهُمْ رَائِدٌ، وَقَدْ أَعْيَتْهُمُ الأُمُورُ، وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِمُ الْمَكَاسِبُ أَلا فَقَدْ وَاللَّهِ عِبْتُمْ عَلَيَّ بِمَا أَقْرَرْتُمْ لابْنِ الْخَطَّابِ بِمِثْلِهِ، وَلَكِنَّهُ وَطِئَكُمْ بِرِجْلِهِ، وَضَرَبَكُمْ بِيَدِهِ، وَقَمَعَكُمْ بِلِسَانِهِ، فَدِنْتُمْ لَهُ عَلَى مَا أَحْبَبْتُمْ أَوْ كَرِهْتُمْ، وَلِنْتُ لَكُمْ، وَأَوْطَأْتُ لَكُمْ كَتِفِي، وَكَفَّفْتُ يَدِي وَلِسَانِي عَنْكُمْ، فَاجْتَرَأْتُمْ عَلَيَّ أَمَا وَاللَّهِ لأَنَا أَعَزُّ نَفَرًا، وَأَقْرَبُ نَاصِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute