للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمْ، وَزِدْتَهُمْ عَلَى مَا كَانَ يَصْنَعُ عُمَرُ، فَأَرَى أَنْ تَلْزَمَ طَرِيقَةَ صَاحِبَيْكَ، فَتَشْتَدَّ فِي مَوْضِعِ الشِّدَّةِ، وَتَلِينَ فِي مَوْضِعِ اللِّينِ إِنَّ الشِّدَّةَ تَنْبَغِي لِمَنْ لا يَأْلُو النَّاسَ شَرًّا، وَاللِّينُ لِمَنْ يَخْلُفُ النَّاسَ بِالنُّصْحِ، وَقَدْ فَرَشْتَهُمَا جَمِيعًا اللِّينَ.

وَقَامَ عُثْمَانُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: كُلُّ مَا أَشَرْتُمْ بِهِ عَلَيَّ قَدْ سَمِعْتُ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ بَابٌ يُؤْتَى مِنْهُ، إِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يُخَافُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ كَائِنٌ، وَإِنَّ بَابَهُ الَّذِي يُغْلَقُ عَلَيْهِ فَيُكَفْكَفُ بِهِ اللِّينُ وَالْمُؤَاتَاةُ وَالْمُتَابَعَةُ، إِلا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، الَّتِي لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُبَادِيَ بِعَيْبِ أَحَدِهَا، فَإِنْ سَدَّهُ شَيْءٌ فَرَفُقَ، فَذَاكَ وَاللَّهِ لَيُفْتَحَنَّ، وَلَيْسَتْ لأَحَدٍ عَلَيَّ حُجَّةُ حَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي لم آل الناس خيرا، ولا نفسي وو الله إِنَّ رَحَا الْفِتْنَةِ لَدَائِرَةٌ، فَطُوبَى لِعُثْمَانَ إِنْ مَاتَ وَلَمْ يُحَرِّكْهَا كَفْكِفُوا النَّاسَ، وَهَبُوا لَهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَاغْتَفِرُوا لَهُمْ، وَإِذَا تُعُوطِيَتْ حُقُوقُ اللَّهِ فَلا تُدْهِنُوا فِيهَا.

فَلَمَّا نَفَرَ عُثْمَانُ أَشْخَصَ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ ابْنُ عَامِرٍ وَسَعِيدٍ مَعَهُ وَلَمَّا اسْتَقَلَّ عُثْمَانُ رَجَزَ الْحَادِي:

قَدْ عَلِمَتْ ضَوَامِرُ الْمَطِيِّ ... وَضَامِرَاتُ عَوَّجَ الْقَسِيُّ

أَنَّ الأَمِيرَ بَعْدَهُ عَلِيُّ ... وَفِي الزُّبَيْرِ خَلَفٌ رَضِيُّ

وَطَلْحَةَ الْحَامِي لَهَا وَلِيُّ.

فَقَالَ كَعْبٌ وَهُوَ يَسِيرُ خَلْفَ عُثْمَانَ: الأَمِيرُ وَاللَّهِ بَعْدَهُ صَاحِبُ الْبَغْلَةِ- وَأَشَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن بدر بن الخليل بن عُثْمَانَ بن قطبة الأسدي، عن رجل من بني أسد، قَالَ: مَا زال مُعَاوِيَة يطمع فِيهَا بعد مقدمه عَلَى عُثْمَانَ حين جمعهم، فاجتمعوا إِلَيْهِ بالموسم، ثُمَّ ارتحل، فحدا بِهِ الراجز:

أن الأمير بعده علي ... وفي الزبير خلف رضي

قَالَ كعب: كذبت! صاحب الشهباء بعده- يعني مُعَاوِيَة- فأخبر مُعَاوِيَة، فسأله عن الَّذِي بلغه، قَالَ: نعم، أنت الأمير بعده، ولكنها وَاللَّهِ لا تصل إليك حَتَّى تكذب بحديثي هَذَا فوقعت فِي نفس مُعَاوِيَة.

وشاركهم فِي هَذَا المكان أَبُو حَارِثَة وأبو عُثْمَان، عن رجاء بن حيوة

<<  <  ج: ص:  >  >>