ابن عَمْرٍو السَّاعِدِيَّ، مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَدِيِّ قَوْمِهِ، وَفِي يَدِ جَبَلَةَ بْنِ عَمْرٍو جَامِعَةٌ، فَلَمَّا مَرَّ عُثْمَانُ سَلَّمَ، فَرَدَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ جَبَلَةُ: لِمَ تَرُدُّونَ عَلَى رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا! قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَطْرَحَنَّ هَذِهِ الْجَامِعَةَ فِي عُنُقِكَ أَوْ لَتَتْرُكَنَّ بِطَانَتَكَ هَذِهِ قَالَ عُثْمَانُ: اى بطانه! فو الله إِنِّي لأَتَخَيَّرُ النَّاسَ، فَقَالَ: مَرْوَانُ تَخَيَّرْتَهُ! وَمُعَاوِيَةُ تَخَيَّرْتَهُ! وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ تَخَيَّرْتَهُ! وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ تَخَيَّرْتَهُ! مِنْهُمْ من نزل القرآن بدمه، وأباح رسول الله ص دَمَهُ.
قَالَ: فَانْصَرَفَ عُثْمَانُ، فَمَا زَالَ النَّاسُ مُجْتَرِئِينَ عَلَيْهِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عمر: وَحَدَّثَنِي ابن أبي الزناد، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ، قَالَ: خَطَبَ عُثْمَانُ النَّاسَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ نَهَابِيرَ وَرَكِبْنَاهَا مَعَكَ، فَتُبْ نَتُبْ فَاسْتَقْبَلَ عُثْمَانُ الْقِبْلَةَ وَشَهَرَ يَدَيْهِ- قَالَ أَبُو حَبِيبَةَ: فَلَمْ أَرَ يَوْمًا أَكْثَرَ بَاكِيًا وَلا بَاكِيَةً مِنْ يَوْمَئِذٍ- ثُمَّ لَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَامَ إِلَيْهِ جَهْجَاهٌ الْغِفَارِيُّ، فَصَاحَ: يَا عُثْمَانُ، أَلا إِنَّ هَذِهِ شَارِفٌ قَدْ جِئْنَا بِهَا، عَلَيْهَا عَبَاءَةٌ وَجَامِعَةٌ، فَانْزِلْ فَلْنُدْرِعْكَ الْعَبَاءَةَ، وَلْنَطْرَحَكَ فِي الْجَامِعَةِ، وَلْنَحْمِلَكَ عَلَى الشَّارِفِ، ثُمَّ نَطْرَحُكَ فِي جَبَلِ الدُّخَانِ فَقَالَ عُثْمَانُ: قَبَّحَكَ اللَّهُ وَقَبَّحَ مَا جِئْتَ بِهِ! قَالَ أَبُو حَبِيبَةَ: وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ إِلا عَنْ مَلإٍ مِنَ النَّاسِ، وَقَامَ إِلَى عُثْمَانَ خِيرَتِهِ وَشِيعَتِهِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَحَمَلُوهُ فَأَدْخَلُوهُ الدَّارَ.
قَالَ أَبُو حَبِيبَةَ: فَكَانَ آخِرُ مَا رَأَيْتُهُ فِيهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْد اللَّيْثِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عبد الرحمن ابن خاطب، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أنا أنظر إِلَى عثمان يخطب على عصا النبي ص الَّتِي كَانَ يخطب عَلَيْهَا وأبو بكر وعمر رضي اللَّه عنهما، فَقَالَ لَهُ جَهْجَاه: قم يَا نعثل، فانزل عن هَذَا الْمِنْبَر، وأخذ العصا فكسرها عَلَى ركبته اليمنى، فدخلت شظية منها فِيهَا، فبقي الجرح حَتَّى أصابته الأكلة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute