للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا من اعتللت بِهِ بِمَا وجدنا فِي كتابك مع غلامك وكيف نقبل توبتك وَقَدْ بلونا مِنْكَ أنك لا تعطي من نفسك التوبة من ذنب إلا عدت إِلَيْهِ، فلسنا منصرفين حَتَّى نعزلك ونستبدل بك، فإن حال من معك من قومك وذوي رحمك وأهل الانقطاع إليك دونك بقتال قاتلناهم، حَتَّى نخلص إليك فنقتلك أو تلحق أرواحنا بِاللَّهِ فَقَالَ عُثْمَان: أما أن أتبرأ من الإمارة، فأن تصلبوني أحب إلي من أن أتبرأ من أمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وخلافته وأما قولكم:

تقاتلون من قاتل دوني، فإني لا آمر أحدا بقتالكم، فمن قاتل دوني فإنما قاتل بغير أمري، ولعمري لو كنت أريد قتالكم، لقد كنت كتبت إِلَى الأجناد فقادوا الجنود، وبعثوا الرجال، أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو عراق، فاللَّه اللَّه فِي أنفسكم فأبقوا عَلَيْهَا إن لم تبقوا علي، فإنكم مجتلبون بهذا الأمر- إن قتلتموني- دما قَالَ: ثُمَّ انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب، وأرسل إِلَى مُحَمَّد بن مسلمة فكلمه أن يردهم، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أكذب اللَّه فِي سنة مرتين.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، دَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَسْتَرْجِعُ مِمَّا يَرَى عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ:

الآنَ تَنْدَمُ! أَنْتَ أَشْعَرْتَهُ فَأَسْمَعُ سَعْدًا يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ النَّاسَ يَجْتَرِئُونَ هَذِهِ الْجُرْأَةَ، وَلا يَطْلُبُونَ دَمَهُ، وَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ الآنَ فَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ لَمْ تَحْضُرْهُ أَنْتَ وَلا أَصْحَابُكَ، فَنَزَعَ عَنْ كُلِّ مَا كُرِهَ مِنْهُ، وَأَعْطَى التَّوْبَةَ، وَقَالَ: لا أَتَمَادَى فِي الْهَلَكَةِ، إِنَّ مَنْ تَمَادَى فِي الْجَوْرِ كَانَ أَبْعَدَ مِنَ الطَّرِيقِ، فَأَنَا أَتُوبُ وَأَنْزِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَذُبَّ عَنْهُ، فَعَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّهُ مُتَسَتِّرٌ، وَهُوَ لا يُجِبْهُ، فَخَرَجَ سَعْدٌ حَتَّى أَتَى عَلِيًّا وَهُوَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَسَنٍ، قُمْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! جِئْتُكَ وَاللَّهِ بِخَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ أَحَدٌ قَطُّ إِلَى أَحَدٍ، تَصِلُ رَحِمَ ابْنِ عَمِّكَ، وَتَأْخُذُ بِالْفَضْلِ عَلَيْهِ، وَتَحْقِنُ دَمَهُ، وَيَرْجِعُ الأَمْرُ عَلَى مَا نُحِبُّ، قَدْ أَعْطَى خليفتك

<<  <  ج: ص:  >  >>