للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، رميت من فوق الدار رجلا من أسلم فقتلته، وَهُوَ نيار الأسلمي، فنشب القتال، ثُمَّ نزلت، فاقتتل الناس عَلَى الباب، وقاتل مَرْوَان حَتَّى سقط فاحتملته، فأدخلته بيت عجوز، وأغلقت عَلَيْهِ، وألقى الناس النيران فِي أبواب دار عُثْمَان، فاحترق بعضها، فَقَالَ عُثْمَان: مَا احترق الباب إلا لما هُوَ أعظم مِنْهُ، لا يحركن رجل منكم يده، فو الله لو كنت أقصاكم لتخطوكم حَتَّى يقتلوني، ولو كنت أدناكم ما جاوزونى إِلَى غيري، وإني لصابر كما عهد إلي رسول الله ص، لأصرعن مصرعي الَّذِي كتب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ مَرْوَان: وَاللَّهِ لا تقتل وأنا أسمع الصوت، ثُمَّ خرج بالسيف عَلَى الباب يتمثل بهذا الشعر:

قَدْ علمت ذات القرون الميل ... والكف والأنامل الطفول

أني أروع أول الرعيل ... بفاره مثل قطا الشليل

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي عبد الله بن الحارث بن الفضيل، عن أَبِيهِ، عن أبي حفصة، قَالَ: لما كَانَ يوم الخميس دليت حجرا من فوق الدار، فقتلت رجلا من أسلم يقال لَهُ نيار، فأرسلوا إِلَى عُثْمَانَ: أن أمكنا من قاتله قَالَ: وَاللَّهِ مَا أعرف لَهُ قاتلا، فباتوا ينحرفون علينا ليلة الجمعة بمثل النيران، فلما أصبحوا غدوا، فأول من طلع علينا كنانة بن عتاب، فِي يده شعلة من نار عَلَى ظهر سطوحنا، قَدْ فتح لَهُ من دار آل حزم، ثُمَّ دخلت الشعل عَلَى أثره تنضح بالنفط، فقاتلناهم ساعة عَلَى الخشب، وَقَدِ اضطرم الخشب، فأسمع عُثْمَان يقول لأَصْحَابه: مَا بعد الحريق شَيْء! قَدْ أحترق الخشب، واحترقت الأبواب، ومن كَانَتْ لي عَلَيْهِ طاعة فليمسك داره، فإنما يريدني القوم، وسيندمون عَلَى قتلي، وَاللَّهِ لو تركوني لظننت أني لا أحب الحياة، وَلَقَدْ تغيرت حالي، وسقط أسناني، ورق عظمي.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ لمروان: اجلس فلا تخرج، فعصاه مَرْوَان، فَقَالَ:

وَاللَّهِ لا تقتل، وَلا يخلص إليك، وأنا أسمع الصوت، ثُمَّ خرج إِلَى النَّاسِ.

فقلت: مَا لمولاي مترك! فخرجت مَعَهُ أذب عنه، ونحن قليل، فأسمع مَرْوَان يتمثل:

<<  <  ج: ص:  >  >>