للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْجُمُعَةِ شَبَابَ غَيْرِهِ فِي الشَّهْرِ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ غَيْرِهِ فِي السَّنَةِ، فَاجْتَمَعَ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ، وَفِيهِمُ الشَّيْخَانِ، فَقَالُوا:

اسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا هَذَا الْغُلامَ لِمَنْزِلَتِهِ وَشَرَفِ جَدَّيْهِ، فَصَارُوا تِسْعَةً، وَكَانَ صَالِحٌ ع لا يَنَامُ مَعَهُمْ فِي الْقَرْيَةِ، بَلْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ صَالِحٍ، فِيهِ يَبِيتُ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ أَتَاهُمْ فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ، فَإِذَا أَمْسَى خَرَجَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَبَاتَ فِيهِ.

قَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لَمَّا قَالَ لهم صالح ع: إِنَّهُ سَيُولَدُ غُلامٌ يَكُونُ هَلاكُهُمْ عَلَى يَدَيْهِ، قَالُوا: فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: آمُرُكُمْ بِقَتْلِهِمْ، فَقَتَلُوهُمْ إِلا وَاحِدًا، قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَوْلُودَ قَالُوا: لَوْ كُنَّا لَمْ نَقْتُلْ أَوْلادَنَا لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا مِثْلُ هَذَا، هَذَا عَمَلُ صالح! فائتمروا بَيْنَهُمْ بِقَتْلِهِ، وَقَالُوا: نَخْرُجُ مُسَافِرِينَ وَالنَّاسُ يَرَوْنَنَا عَلانِيَةً، ثُمَّ نَرْجِعُ مِنْ لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا فَنَرْصُدُهُ عِنْدَ مُصَلاهُ فَنَقْتُلُهُ، فَلا يَحْسَبُ النَّاسُ إِلا أَنَّا مُسَافِرُونَ كَمَا نَحْنُ.

فَأَقْبَلُوا حَتَّى دَخَلُوا تَحْتَ صَخْرَةٍ يَرْصُدُونَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةَ فَرَضَخَتْهُمْ فَأَصْبَحُوا رَضْخًا، فَانْطَلَقَ رِجَالٌ مِمَّنْ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَإِذَا هُمْ رَضْخٌ، فَرَجَعُوا يَصِيحُونَ فِي الْقَرْيَةِ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ، أَمَا رَضِيَ صَالِحٌ أَنْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْلادَهُمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ! فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ عَلَى عَقْرِ النَّاقَةِ أَجْمَعُونَ، فَأَحْجَمُوا عَنْهَا إِلا ذَلِكَ ابْنُ الْعَاشِرِ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ رَسُولِ الله ص، قَالَ: فَأَرَادُوا أَنْ يَمْكُرُوا بِصَالِحٍ، فَمَشَوْا حَتَّى أَتَوْا عَلَى سَرَبٍ عَلَى طَرِيقِ صَالِحٍ، فَاخْتَبَأَ فيه ثمانية وقالوا: إِذَا خَرَجَ عَلَيْنَا قَتَلْنَاهُ وَأَتَيْنَا أَهْلَهُ فَبَيَّتْنَاهُمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الأَرْضَ فَاسْتَوَتْ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَاجْتَمَعُوا وَمَشَوْا إِلَى النَّاقَةِ، وَهِيَ عَلَى حَوْضِهَا قَائِمَةٌ، فَقَالَ الشَّقِيُّ لأَحَدِهِمُ: ائْتِهَا فَاعْقِرْهَا، فَأَتَاهَا، فَتَعَاظَمَهُ ذَلِكَ، فَأَضْرَبَ عَنْ ذَلِكَ، فَبَعَثَ آخَرَ فَأَعْظَمَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ لا يَبْعَثُ أَحَدًا إِلا تَعَاظَمَهُ أَمْرُهَا، حَتَّى مَشَى إِلَيْهَا وَتَطَاوَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>