فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَخَذْتَ مِنَّا مَأْخَذًا، وَقَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ لِيَقْعُدَهُ أَوْ لِيَأْخُذَهُ قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْمَوْتُ الأَسْوَدُ قَالَ: فَخَنَقَهُ ثُمَّ خَفَقَهُ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَلْيَنَ مِنْ حَلْقِهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ حتى رايت نفسه يتردد فِي جَسَدِهِ كَنَفْسِ الْجَانِّ قَالَ: فَخَرَجَ.
قَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رَجُلٌ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ- قَالَ: وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ- قَالَ: فَيَهْوِي لَهُ بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ، فَقَطَعَهَا، فَقَالَ: لا أَدْرِي أَبَانَهَا أَمْ قَطَعَهَا وَلَمْ يَبِنْهَا قَالَ: فَقَالَ:
أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لأَوَّلُ كَفٍّ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ وَقَالَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ التُّجِيبِيُّ، فَأَشْعَرَهُ مِشْقَصًا فَانْتُضِحَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ الآية:
«فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» قَالَ: فَإِنَّهَا فِي الْمُصْحَفِ مَا حُكَّتْ.
قَالَ وَأَخَذَتِ ابْنَةُ الْفُرَافِصَةِ- فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ- حُلِيَّهَا فَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ، قَالَ: فَلَمَّا أُشْعِرَ- أَوْ قَالَ: قُتِلَ- نَاحَتْ عَلَيْهِ قَالَ:
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَاتَلَهَا اللَّهُ! مَا أَعْظَمَ عَجِيزَتَهَا! قَالَ: فَعَلِمْتُ أَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ لَمْ يُرِدْ إِلا الدُّنْيَا.
وَأَمَّا سَيْفٌ، فَإِنَّهُ قَالَ- فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْهُ: ذَكَرَ عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَمَاعَةٍ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ الدُّنْيَا لِتَطْلُبُوا بِهَا الآخِرَةَ، وَلَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَرْكَنُوا إِلَيْهَا، إِنَّ الدُّنْيَا تفنى، والآخرة تبقى، فلا تبطرنكم الفانية، ولا تَشْغَلَنَّكُمْ عَنِ الْبَاقِيَةِ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى، فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ، وَإِنَّ الْمَصِيرَ إِلَى اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، فَإِنَّ تَقْوَاهُ جُنَّةٌ مِنْ بَأْسِهِ، وَوَسِيلَةٌ عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ الْغِيَرَ، وَالْزَمُوا جَمَاعَتَكُمْ، لا تَصِيرُوا أَحْزَابًا، «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute