للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما بعد، فان الله عز وجل رَضِيَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَالْجَمَاعَةَ، وَحَذَّرَكُمُ الْمَعْصِيَةَ وَالْفُرْقَةَ وَالاخْتِلافَ، وَنَبَّأَكُمْ مَا قَدْ فَعَلَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهِ لِيَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ، فَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّهِ عز وجل وَاحْذَرُوا عَذَابَهُ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا أُمَّةً هَلَكَتْ إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَخْتَلِفَ، إِلا أَنْ يَكُونَ لَهَا رَأْسٌ يَجْمَعُهَا، وَمَتَى مَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ لا تُقِيمُوا الصَّلاةَ جَمِيعًا، وَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ عَدُوَّكُمْ، وَيَسْتَحِلُّ بَعْضُكُمْ حُرُمَ بَعْضٍ، وَمَتَى يُفْعَلُ ذَلِكَ لا يَقُمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دِينٌ، وَتَكُونُوا شِيَعًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لِرَسُولِهِ ص:

«إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ» وَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِمَا أَوْصَاكُمُ اللَّهُ، وَأُحُذِّرُكُمْ عَذَابَهُ، فان شعيبا ص قَالَ لِقَوْمِهِ: «وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ» الى قوله:

«رَحِيمٌ وَدُودٌ» .

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَقْوَامًا مِمَّنْ كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، أَظْهَرُوا لِلنَّاسِ أَنَّمَا يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْحَقِّ، وَلا يُرِيدُونَ الدُّنْيَا وَلا مُنَازَعَةً فِيهَا، فَلَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِمُ الْحَقُّ إِذَا النَّاسُ فِي ذَلِكَ شَتَّى، مِنْهُمْ آخِذٌ لِلْحَقِّ، وَنَازِعُ عَنْهُ حِينَ يُعْطَاهُ، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لِلْحَقِّ وَنَازِلٌ عَنْهُ فِي الأَمْرِ، يُرِيدُ أَنْ يَبْتَزَّهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، طَالَ عَلَيْهِمْ عُمُرِي، وَرَاثَ عَلَيْهِمْ أَمَلُهُمُ الإِمْرَة، فَاسْتَعْجَلُوا الْقَدَرَ، وَقَدْ كَتَبُوا إِلَيْكُمْ أَنَّهُمْ قَدْ رَجَعُوا بِالَّذِي أَعْطَيْتُهُمْ، وَلا أَعْلَمُ أَنِّي تَرَكْتُ مِنَ الَّذِي عَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ شَيْئًا، كَانُوا زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ الْحُدُودَ، فَقُلْتُ: أَقِيمُوهَا عَلَى مَنْ عَلِمْتُمْ تَعَدَّاهَا في احد، أَقِيمُوهَا عَلَى مَنْ ظَلَمَكُمْ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ.

قَالُوا: كِتَابَ اللَّهِ يُتْلَى، فَقُلْتُ: فَلْيَتْلُهُ مِنْ تَلاهُ غَيْرُ غَالٍّ فِيهِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالُوا: الْمَحْرُومُ يُرْزَقُ، وَالْمَالُ يُوفَى لِيُسْتَنَّ فِيهِ السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ، وَلا يُعْتَدَى فِي الْخُمُسِ وَلا فِي الصَّدَقَةِ، وَيُؤَمَّرُ ذُو الْقُوَّةِ وَالأَمَانَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>