لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ثَمَنٌ لِدِينِكُمْ، وَلَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاحْتَسِبُوا مَا عِنْدَهُ، فَمَنْ يَرْضَ بِالنُّكْثِ مِنْكُمْ فَإِنِّي لا أَرْضَاهُ لَهُ، وَلا يَرْضَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تنكثوا عهده واما الذى يخيروننى فَإِنَّمَا كُلَّهُ النَّزْعُ وَالتَّأْمِيرُ فَمَلَكْتُ نَفْسِي وَمَنْ مَعِي، وَنَظَرْتُ حُكْمَ اللَّهِ وَتَغْيِيرَ النِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَكَرِهْتُ سُنَّةَ السُّوءِ وَشِقَاقَ الأُمَّةِ وَسَفْكَ الدِّمَاءِ، فَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالإِسْلامِ أَلا تَأْخُذُوا إِلا الْحَقَّ وَتُعْطَوْهُ مِنِّي وَتَرْكَ الْبَغْيِ عَلَى أَهْلِهِ، وَخُذُوا بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنِّي أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ الذى جعل عليكم العهد والموازره فِي أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا» ، فَإِنَّ هَذِهِ مَعْذِرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَلَعَلَّكُمْ تَذْكُرُونَ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي لا أُبَرِّئُ نَفْسِي، «إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ» ، وَإِنْ عَاقَبْتُ أَقْوَامًا فَمَا أَبْتَغِي بِذَلِكَ إِلا الْخَيْرَ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ من كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ، وَأَسْتَغْفِرُهُ إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا هُوَ، إِنَّ رَحْمَةَ رَبِّي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ*، إِنَّهُ لا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمَ الضَّالُّونَ، وَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ مَا يَفْعَلُونَ وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَغْفِرَ لِي وَلَكُمْ، وَأَنْ يُؤَلِّفَ قُلُوبَ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى الْخَيْرِ، وَيُكَرِّهَ إِلَيْهَا الْفِسْقَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُسْلِمُونَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَرَأْتُ هَذَا الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ بِيَوْمٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَعَانِي عُثْمَانُ، فَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى الْحَجِّ قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَأَقَمْتُ لِلنَّاسِ الْحَجَّ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ كِتَابَ عُثْمَانَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ بُويِعَ لِعَلِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute