وأما الْوَاقِدِيّ فإنه ذكر أن سعد بن راشد حدثه عن صالح بن كيسان، أنه قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه قَالَ رجل: يدفن بدير سلع مقبرة اليهود، فَقَالَ حكيم بن حزام: وَاللَّهِ لا يكون هَذَا أبدا وأحد من ولد قصي حي، حَتَّى كاد الشر يلتحم، فَقَالَ ابن عديس البلوي: أيها الشيخ، وما يضرك أين يدفن! فَقَالَ حكيم بن حزام: لا يدفن إلا ببقيع الغرقد حَيْثُ دفن سلفه وفرطه، فخرج بِهِ حكيم بن حزام فِي اثني عشر رجلا، وفيهم الزُّبَيْر، فصلى عَلَيْهِ حكيم بن حزام قَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثبت عندنا أنه صلى عَلَيْهِ جبير بن مطعم قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي الضحاك بن عُثْمَانَ، عن مخرمة بن سُلَيْمَانَ الوالبي، قَالَ: قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يوم الجمعة ضحوة، فلم يقدروا عَلَى دفنه، وأرسلت نائلة ابنة الْفُرَافِصَة إِلَى حويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم وأبي جهم بن حُذَيْفَة وحكيم بن حزام ونيار الأسلمي، فَقَالُوا: إنا لا نقدر أن نخرج بِهِ نهارا، وهؤلاء الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الباب، فأمهلوا حَتَّى كَانَ بين المغرب والعشاء، فدخل القوم، فحيل بينهم وبينه، فَقَالَ أَبُو جهم:
وَاللَّهِ لا يحول بيني وبينه أحد إلا مت دونه، احملوه، فحمل إِلَى البقيع، قَالَ:
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيّ، عن عَبْد اللَّهِ بن ساعدة، قَالَ: لبث عُثْمَان بعد مَا قتل ليلتين لا يستطيعون دفنه، ثُمَّ حمله أربعة:
حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم بن حُذَيْفَة، فلما وضع ليصلى عَلَيْهِ، جَاءَ نفر من الأنصار يمنعونهم الصَّلاة عَلَيْهِ، فِيهِمْ أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني، فِي عدة، ومنعوهم أن يدفن بالبقيع، فَقَالَ أَبُو جهم: ادفنوه، فقد صلى اللَّه عَلَيْهِ وملائكته، فَقَالُوا:
لا وَاللَّهِ، لا يدفن فِي مقابر الْمُسْلِمِينَ أبدا، فدفنوه فِي حش كوكب فلما ملكت بنو أُمَيَّة أدخلوا ذَلِكَ الحش فِي البقيع، فهو الْيَوْم مقبرة بني أُمَيَّة