للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمِ الْجُمُعَةِ حَضَرَ النَّاسُ الْمَسْجِدَ، وَجَاءَ عَلِيٌّ حتى صعد المنبر، فقال: يا ايها النَّاسُ- عَنْ مَلإٍ وَإِذْنٍ- إِنَّ هَذَا أَمْرُكُمْ لَيْسَ لأَحَدٍ فِيهِ حَقٌّ إِلا مَنْ أَمَّرْتُمْ، وَقَدِ افْتَرَقْنَا بِالأَمْسِ عَلَى أَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ قَعَدْتُ لَكُمْ، وَإِلا فَلا أَجِدُ عَلَى أَحَدٍ.

فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى مَا فَارَقْنَاكَ عَلَيْهِ بِالأَمْسِ وَجَاءَ الْقَوْمُ بِطَلْحَةَ فَقَالُوا: بَايِعْ، فَقَالَ: إِنِّي إِنَّما أُبَايِعُ كَرْهًا، فَبَايَعَ- وَكَانَ بِهِ شَلَلٌ- أَوَّلَ النَّاسِ، وَفِي النَّاسِ رَجُلٌ يَعْتَافُ، فَنَظَرَ مِنْ بَعِيدٍ، فَلَمَّا رَأَى طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ بايع قال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! أَوَّلُ يَدٍ بَايَعَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدٌ شَلاءُ، لا يَتِمُّ هَذَا الأَمْرُ! ثُمَّ جِيءَ بِالزُّبَيْرِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَبَايَعَ- وَفِي الزُّبَيْرِ اخْتِلافٌ- ثُمَّ جِيءَ بِقَوْمٍ كَانُوا قَدْ تَخَلَّفُوا فَقَالُوا: نُبَايِعُ عَلَى إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَالْعَزِيزِ وَالذَّلِيلِ، فَبَايَعَهُمْ، ثُمَّ قَامَ الْعَامَّةُ فَبَايَعُوا.

كَتَبَ إِلَيَّ السري عن شعيب، عن سيف، عن أبي زُهَيْرٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ، ذَهَبَ الأَشْتَرُ فَجَاءَ بِطَلْحَةَ، فَقَالَ لَهُ: دَعْنِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَلَمْ يَدَعْهُ وَجَاءَ بِهِ يتله تَلا عَنِيفًا، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَ.

وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْوَالِبِيِّ، قَالَ: جَاءَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ بِالزُّبَيْرِ حَتَّى بَايَعَ، فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقُولُ: جَاءَنِي لِصٌّ مِنْ لُصُوصِ عَبْدِ الْقَيْسِ فَبَايَعْتُ وَاللُّجُّ عَلَى عُنُقِي.

وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا: وبايع الناس كلهم.

قَالَ أَبُو جَعْفَر: وسمح بعد هَؤُلاءِ الَّذِينَ اشترطوا الذين جيء بهم، وصار لامر أمر أهل الْمَدِينَةِ، وكانوا كما كَانُوا فِيهِ، وتفرقوا إِلَى منازلهم لولا مكان النزاع والغوغاء فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>