عن الأغر، قَالَ: لما اجتمع إِلَى مكة بنو اميه ويعلى بن منيه وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر، ائتمروا أمرهم، وأجمع ملؤهم عَلَى الطلب بدم عُثْمَان وقتال السبئية حَتَّى يثأروا وينتقموا، فأمرتهم عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بالخروج إِلَى الْمَدِينَةِ، واجتمع القوم عَلَى الْبَصْرَةِ وردوها عن رأيها، وَقَالَ لها طَلْحَةُ وَالزُّبَيْر: إنا نأتي أرضا قَدْ أضيعت وصارت إِلَى علي، وَقَدْ أجبرنا علي عَلَى بيعته، وهم محتجون علينا بِذَلِكَ وتاركو أمرنا إلا أن تخرجي فتأمري بمثل مَا أمرت بمكة، ثُمَّ ترجعي فنادى المنادي: إن عَائِشَةَ تريد الْبَصْرَةَ وليس في ستمائه بعير مَا تغنون بِهِ غوغاء وجلبة الأعراب وعبيدا قَدِ انتشروا وافترشوا أذرعهم مسعدين لأول واعية وبعثت إِلَى حفصة، فأرادت الخروج، فعزم عَلَيْهَا ابن عمر فأقامت، فخرجت عَائِشَةُ ومعها طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَأَمَّرَتْ عَلَى الصَّلاة عبد الرَّحْمَن ابن عتاب بن أسيد، فكان يصلي بهم فِي الطريق وبالبصرة حَتَّى قتل، وخرج معها مَرْوَان وسائر بني أُمَيَّة إلا من خشع، وتيامنت عن اوطاس، وهم ستمائه راكب سوى من كَانَتْ لَهُ مطية، فتركت الطريق ليلة وتيامنت عنها كأنهم سيارة ونجعة، مساحلين لم يدن من المنكدر وَلا واسط وَلا فلج مِنْهُمْ أحد، حَتَّى أتوا الْبَصْرَةَ فِي عام خصيب وتمثلت:
دعي بلاد جموع الظلم إذ صلحت ... فِيهَا المياه وسيري سير مذعور
تخيري النبت فارعي ثم ظاهرة ... وبطن واد من الضمار ممطور