للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثُلْثٌ عَلَى ابْنِ أَبِي طَالِبٍ ... وَنَحْنُ بَدَوِّيَّةِ قَرْقَرِ

فَقُلْتُ صَدَقْتَ عَلَى الأَوَّلَيْنِ ... وَأَخْطَأْتَ فِي الثَّالِثِ الأَزْهَرِ

رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سَيْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ وَطَلْحَةَ قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو الأَسْوَدِ وَعِمْرَانُ وَأَقْبَلَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ، وَقَدْ خَرَجَ وَهُوَ عَلَى الْخَيْلِ، فَأَنْشَبَ الْقِتَالَ، وَأَشْرَعَ أَصْحَابُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رِمَاحَهُمْ وَأَمْسَكُوا لِيُمْسِكُوا فَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يُثْنِ، فَقَاتَلَهُمْ وَأَصْحَابُ عَائِشَةَ كَافُّونَ إِلا مَا دَافَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَحَكِيمٌ يُذَمِّرُ خَيْلَهُ وَيَرْكَبُهُمْ بِهَا، وَيَقُولُ: إِنَّهَا قُرَيْشٌ لَيُرْدِينَّهَا جُبْنُهَا وَالطَّيْشُ، وَاقْتَتَلُوا عَلَى فَمِ السِّكَّةِ، واشرف أَهْلِ الدُّورِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ هَوًى، فَرَمَوْا بَاقِيَ الآخَرِينَ بِالْحِجَارَةِ، وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ أَصْحَابَهَا فَتَيَامَنُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَقْبُرَةِ بَنِي مَازِنٍ، فَوَقَفُوا بِهَا مَلِيًّا، وَثَارَ إِلَيْهِمُ النَّاسُ، فَحَجَزَ اللَّيْلُ بَيْنَهُمْ فَرَجَعَ عُثْمَانُ إِلَى الْقَصْرِ، وَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى قَبَائِلِهِمْ، وَجَاءَ أَبُو الْجَرْبَاءِ، أَحَدُ بَنِي عُثْمَانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ إِلَى عَائِشَةَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ بِأَمْثَلَ مِنْ مَكَانِهِمْ فَاسْتَنْصَحُوهُ وَتَابَعُوا رَأْيَهُ، فَسَارُوا مِنْ مَقْبُرَةِ بَنِي مَازِنٍ فَأَخَذُوا عَلَى مُسَنَّاةِ الْبَصْرَةِ مِنْ قِبَلِ الْجَبَّانَةِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الزَّابُوقَةِ، ثُمَّ أَتَوْا مَقْبُرَةَ بَنِي حِصْنٍ وَهِيَ مُتَنَحِّيَةٌ إِلَى دَارِ الرِّزْقِ، فَبَاتُوا يَتَأَهَّبُونَ، وَبَاتَ النَّاسُ يَسِيرُونَ إِلَيْهِمْ، وَأَصْبَحُوا وهم على رجل في ساحه دار الرق، وَأَصْبَحَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فَغَادَاهُمْ، وَغَدَا حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ وَهُوَ يُبَرْبِرُ وَفِي يَدِهِ الرُّمْحُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ: مَنْ هَذَا الَّذِي تَسُبُّ وَتَقُولُ لَهُ مَا أَسْمَعُ؟ قال: عائشة، قال: يا بن الْخَبِيثَةِ، أَلأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ هَذَا! فَوَضَعَ حَكِيمٌ السِّنَانَ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهُوَ يَسُبُّهَا- يَعْنِي عَائِشَةَ- فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا الَّذِي أَلْجَأَكَ إِلَى هَذَا؟

قَالَ: عَائِشَةُ، قَالَتْ: يا بن الْخَبِيثَةِ، أَلأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ هَذَا! فَطَعَنَهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا فَقَتَلَهَا ثُمَّ سَارَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَاقَفُوهُمْ، فَاقْتَتَلُوا بِدَارِ الرِّزْقِ قِتَالا شَدِيدًا مِنْ حِينِ بَزَغَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ زَالَ النَّهَارُ وَقَدْ كَثُرَ الْقَتْلَى فِي أَصْحَابِ ابْنِ حُنَيْفٍ وَفَشَتِ الْجِرَاحَةُ فِي الْفَرِيقَيْنِ، وَمُنَادِي عَائِشَةَ يُنَاشِدُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>