للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ، وَكُونُوا مَعَ كِتَابِهِ، فَإِنَّا قَدِمْنَا الْبَصْرَةَ فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ بِإِقَامَةِ حُدُودِهِ، فَأَجَابَنَا الصَّالِحُونَ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَقْبَلَنَا مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ بِالسِّلاحِ، وَقَالُوا: لَنُتْبِعَنَّكُمْ عُثْمَانَ، ليزيدوا الْحُدُودَ تَعْطِيلا، فَعَانَدُوا فَشَهِدُوا عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ وَقَالُوا لَنَا الْمُنْكَرَ، فَقَرَأْنَا عَلَيْهِمْ: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ» فَأَذْعَنَ لِي بَعْضُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا بَيْنَهُمْ، فَتَرَكْنَاهُمْ وَذَلِكَ، فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى رَأْيِهِ الأَوَّلِ مِنْ وَضْعِ السِّلاحِ فِي أَصْحَابِي، وَعَزَمَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ إِلا قَاتَلُونِي حَتَّى مَنَعَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالصَّالِحِينَ، فَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، فَمَكَثْنَا سِتًّا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً نَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ- وَهُوَ حَقْنُ الدِّمَاءِ أَنْ تُهْرَاقَ دُونَ مَنْ قَدْ حَلَّ دَمُهُ- فَأَبَوْا وَاحْتَجُّوا بِأَشْيَاءَ، فَاصْطَلَحْنَا عَلَيْهَا، فخافوا وغدروا وخانوا، فَجَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَأْرَهُمْ، فَأَقَادَهُمْ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلا رجل، وارد انا الله، ومنعنا منهم بعمير ابن مَرْثَدٍ وَمَرْثَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَنَفَرٍ مِنْ قَيْسٍ، وَنَفَرٍ مِنَ الرَّبَابِ وَالأَزْدِ.

فَالْزَمُوا الرِّضَا إِلا عَنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّى يَأْخُذَ اللَّهُ حَقَّهُ، وَلا تُخَاصِمُوا الْخَائِنِينَ وَلا تَمْنَعُوهُمْ، وَلا تَرْضَوْا بِذَوْيِ حُدُودِ اللَّهِ فَتَكُونُوا مِنَ الظَّالِمِينَ.

فَكَتَبَتْ إِلَى رِجَالٍ بِأَسْمَائِهِمْ فَثَبِّطُوا النَّاسَ عَنْ مَنْعِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ وَنُصْرَتِهِمْ وَاجْلِسُوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ لَمْ يَرْضَوْا بِمَا صَنَعُوا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ جَمَاعَةِ الأُمَّةِ، وَخَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، حَتَّى شَهِدُوا عَلَيْنَا فِيمَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ، وَحَثَثْنَاهُمْ عَلَيْهِ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ بِالْكُفْرِ، وَقَالُوا لَنَا الْمُنْكَرَ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الصَّالِحُونَ وَعَظَّمُوا مَا قَالُوا، وَقَالُوا: مَا رَضِيتُمْ أَنْ قَتَلْتُمُ الإِمَامَ حَتَّى خَرَجْتُمْ عَلَى زَوْجَةِ نَبِيِّكُمْ ص، أَنْ أَمَرَتْكُمْ بِالْحَقِّ لَتَقْتُلُوهَا وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ! فَعَزَمُوا وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ مَعَهُمْ عَلَى مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنْ جُهَّالِ النَّاسِ وَغَوْغَائِهِمْ عَلَى زُطِّهِمْ وَسَيَابِجِهِمْ، فَلُذْنَا مِنْهُمْ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ، فَكَانَ ذَلِكَ الدَّأْبُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>