للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ دَابَّةٍ وَسِلاحٍ، وأمر أَمْرَهُ وَقَامَ فِي النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعَزَّنَا بِالإِسْلامِ وَرَفَعَنَا بِهِ وَجَعَلَنَا بِهِ إِخْوَانًا بَعْدَ ذِلَّةٍ وَقِلَّةٍ وَتَبَاغُضٍ وَتَبَاعُدٍ، فَجَرَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، الإِسْلامُ دِينُهُمْ وَالْحَقُّ فِيهِمْ وَالْكِتَابُ إِمَامُهُمْ، حَتَّى أُصِيبَ هَذَا الرَّجُلُ بِأَيْدِي هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَزَغَهُمُ الشَّيْطَانُ لِيَنْزَغَ بَيْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَلا إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ لا بُدَّ مُفْتَرِقَةٌ كَمَا افْتَرَقَتِ الأُمَمُّ قَبْلَهُمْ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا هُوَ كَائِنٌ ثُمَّ عَادَ ثَانِيَةً، فَقَالَ: إِنَّهُ لا بُدَّ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ أَنْ يَكُونَ، أَلا وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، شَرُّهَا فِرْقَةٌ تَنْتَحِلُنِي وَلا تَعْمَلُ بِعَمَلِي، فَقَدْ أَدْرَكْتُمْ وَرَأَيْتُمْ فَالْزَمُوا دِينَكُمْ وَاهْدُوا بِهَدْيِ نبيكم ص، وَاتَّبِعُوا سُنَّتَهُ، وَاعْرِضُوا مَا أُشْكِلَ عَلَيْكُمْ عَلَى الْقُرْآنِ، فَمَا عَرَّفَهُ الْقُرْآنُ فَالْزَمُوهُ وَمَا أَنْكَرَهُ فَرُدُّوهُ، وَارْضَوْا بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دينا وبمحمد ص نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ حَكَمًا وَإِمَامًا.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قَالا:

لَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ الْخُرُوجَ مِنَ الرَّبَذَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ قَامَ إِلَيْهِ ابْنٌ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ بِنَا؟ فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي نُرِيدُ وَنَنْوِي فَالإِصْلاحَ، إِنْ قَبِلُوا مِنَّا واجابونا اليه، قال: فان لم يجيبوا إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَدَعُهُمْ بِعُذْرِهِمْ وَنُعْطِيهِمُ الْحَقَّ وَنَصْبِرُ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا؟

قَالَ: نَدَعُهُمْ مَا تَرَكُونَا، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُونَا؟ قَالَ: امْتَنَعْنَا مِنْهُمْ، قَالَ:

فَنَعَمْ إِذًا وَقَامَ الْحَجَّاجُ بْنُ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: لأُرْضِيَنَّكَ بِالْفِعْلِ كَمَا أَرْضَيْتَنِي بِالْقَوْلِ وَقَالَ:

دِرَاكَهَا دِرَاكَهَا قَبْلَ الْفَوْت ... وَانْفُرْ بِنَا وَاسْمُ بِنَا نَحْوَ الصَّوْت

لا وَأَلَتْ نَفْسِي إِنْ هِبْتُ الْمَوْت.

وَاللَّهِ لأَنْصُرَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا سَمَّانَا أَنْصَارًا فَخَرَجَ أَمِيرُ المؤمنين وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>