واللج عَلَى أعناقنا وقيل هَذَا علي قَدْ أظلكم، فَقَالَ قومنا لي ولرجلين معي: انطلقوا حَتَّى تأتوا عَلِيًّا وأَصْحَابه فسلوهم عن هَذَا الأمر الَّذِي قَدِ اختلط علينا، فخرجنا حَتَّى إذا دنونا من العسكر طلع علينا رجل جميل عَلَى بغلة، فقلت لصاحبي: أرأيتم المرأة الَّتِي كنت أحدثكم عنها إنها كَانَتْ عِنْدَ رأس الوالي؟ فإنها أشبه الناس بهذا، ففطن أنا نخوض فِيهِ، فلما انتهى إلينا قَالَ: قفوا، مَا الذي قلتم حين رأيتموني؟ فأبينا عَلَيْهِ، فصاح بنا وَقَالَ:
وَاللَّهِ لقد رأيت عجبا، فقلنا لأدنى أهل العسكر إلينا: من هَذَا؟ فَقَالَ:
مُحَمَّد بن أبي بكر، فعرفنا أن تِلَكَ المرأة عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فازددنا لأمرها كراهية، وانتهينا إِلَى علي فسلمنا عَلَيْهِ، ثُمَّ سألناه عن هَذَا الأمر، فَقَالَ:
[عدا الناس عَلَى هَذَا الرجل وأنا معتزل فقتلوه، ثُمَّ ولوني وأنا كاره ولولا خشية عَلَى الدين لم أجبهم، ثُمَّ طفق هَذَانِ فِي النكث فأخذت عليهما وأخذت عهودهما عِنْدَ ذَلِكَ، وأذنت لهما فِي العمرة، فقدما عَلَى أمهما حليلة رَسُول الله ص فرضيا لها مَا رغبا لنسائهما عنه، وعرضاها لما لا يحل لهما وَلا يصلح، فاتبعتهما لكيلا يفتقوا فِي الإِسْلام فتقا، وَلا يخرقوا جماعة] .
ثُمَّ قَالَ أَصْحَابه: وَاللَّهِ مَا نريد قتالهم إلا أن يقاتلوا وما خرجنا إلا لإصلاح فصاح بنا أَصْحَاب علي: بايعوا بايعوا، فبايع صاحبي، وأما أنا فأمسكت وقلت: بعثني قومي لأمر، فلا أحدث شَيْئًا حَتَّى أرجع إِلَيْهِم فَقَالَ علي:
فإن لم يفعلوا؟ فقلت: لم أفعل، فَقَالَ: أرأيت لو أَنَّهُمْ بعثوك رائدا فرجعت إِلَيْهِم، فأخبرتهم عن الكلأ والماء فحالوا إِلَى المعاطش والجدوبة مَا كنت صانعا؟
قَالَ: قلت: كنت تاركهم ومخالفهم إِلَى الكلإ والماء، قال: فمد يدك، فو الله مَا استطعت أن أمتنع، فبسطت يدي فبايعته وَكَانَ يقول: علي من أدهى العرب وَقَالَ: مَا سمعت من طَلْحَة وَالزُّبَيْر؟ فقلت: أما الزُّبَيْر فإنه يقول: بايعنا كرها، وأما طَلْحَة فمقبل عَلَى أن يتمثل الأشعار، ويقول: