وَاخْتَرْ مِنِّي وَاحِدَةً مِنْ ثِنْتَيْنِ، إِمَّا أَنْ أَكُونَ آتِيكَ فَأَكُونَ مَعَكَ بِنَفْسِي، وَإِمَّا أَنْ أَكُفَّ عَنْكَ عَشَرَةَ آلافِ سَيْفٍ فَرَجَعَ إِلَى النَّاسِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْقُعُودِ وَقَدْ بَدَأَ فَقَالَ: يال خندف، فأجابه ناس، ثم نادى يال تميم! فأجابه ناس، ثم نادى: يال سعد، فَلَمْ يَبْقَ سَعْدِيٌّ إِلا أَجَابَهُ، فَاعْتَزَلَ بِهِمْ، ثُمَّ نَظَرَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَلَمَّا وَقَعَ الْقِتَالُ وَظَفَرَ عَلِيٌّ جَاءُوا وَافِرِينَ، فَدَخَلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ مِنْ أَمْرِ الأَحْنَفِ، فَغَيْرُ مَا رَوَاهُ سَيْفٌ عَمَّنْ ذَكَرَ مِنْ شُيُوخِهِ وَالَّذِي يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنًا يَذْكُرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نُرِيدُ الْحَجَّ، فَإِنَّا لَبِمَنَازِلِنَا نَضَعُ رِحَالَنَا إِذْ أَتَانَا آتٍ فَقَالَ: قَدْ فَزِعُوا وَقَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ، فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى نَفَرٍ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ، وَإِذَا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وسعد بن ابى وقاص، وانا لكذلك إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقِيلَ: هَذَا عُثْمَانُ قَدْ جَاءَ وَعَلَيْهِ مُلَيْئَةٌ لَهُ صَفْرَاءُ قَدْ قَنَّعَ بِهَا رَأْسَهُ، فَقَالَ:
أَهَاهُنَا عَلِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: أَهَاهُنَا الزُّبَيْرُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: أَهَاهُنَا طَلْحَةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، [أَتَعْلَمُون ان رسول الله ص قَالَ: مَنْ يَبْتَعْ مِرْبَدَ بَنِي فُلانٍ غَفَرَ الله له، فابتعته بعشرين او بخمسه وعشرين ألفا، فأتيت النبي ص فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدِ ابْتَعْتُهُ، قَالَ: اجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا وَأَجْرُهُ لَكَ!] قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ قَالَ الأَحْنَفُ:
فَلَقِيتُ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ فَقُلْتُ: مَنْ تَأْمُرَانِي بِهِ وَتَرْضَيَانِهِ لِي؟ فَإِنِّي لا أَرَى هَذَا الرَّجُلَ إِلا مَقْتُولا، قَالا: عَلِيٌّ؟ قُلْتُ: أَتَأْمُرَانِي بِهِ وَتَرْضَيَانِهِ لِي؟ قَالا: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَبَيْنَا نَحْنُ بِهَا إِذْ أَتَانَا قَتْلُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهَا عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَلَقِيتُهَا فَقُلْتُ: مَنْ تَأْمُرِينِي أَنْ أُبَايِعَ؟ قَالَتْ: عَلِيٌّ، قُلْتُ: تَأْمُرِينَنِي بِهِ وَتَرْضِينَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute